نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 3210
اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ. أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ. ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا: مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ. إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ. يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ»
..
يقول: إنهم يلعبون إزاء ذلك الجد، ويشكون في تلك الآيات الثابتة. فدعهم إلى يوم هائل عصيب:
«فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ. هذا عَذابٌ أَلِيمٌ» ..
وقد اختلف السلف في تفسير آية الدخان. فقال بعضهم. إنه دخان يوم القيامة، وإن التهديد بارتقابه كالتهديد المتكرر في القرآن. وإنه آت يترقبونه ويترقبه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم. وقال بعضهم: بل هو قد وقع فعلا، كما توعدهم به. ثم كشف عن المشركين بدعاء الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- فنذكر هنا ملخص القولين وأسانيدهما. ثم نعقب بما فتح الله به، ونحسبه صوابا إن شاء الله.
قال سليمان بن مهران الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن مسروق. قال: دخلنا المسجد- يعني مسجد الكوفة- عند أبواب كندة. فإذا رجل يقص على أصحابه: «يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ» ..
تدرون ماذا الدخان؟ ذلك دخان يأتي يوم القيامة، فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، ويأخذ المؤمنين منه شبه الزكام. قال: فأتينا ابن مسعود- رضي الله عنه- فذكرنا ذلك له، وكان مضطجعا ففزع فقعد، وقال:
إن الله عز وجل قال لنبيكم- صلّى الله عليه وسلّم-: «قُلْ: ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ» .
إن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: الله أعلم. أحدثكم عن ذلك. إن قريشا لما أبطأت عن الإسلام، واستعصت على رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- دعا عليهم بسنين كسني يوسف. فأصابهم من الجهد والجوع حتى أكلوا العظام والميتة وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان- وفي رواية فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد- قال الله تعالى: «فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ» .. فأتي رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- فقيل له: يا رسول الله استسق الله لمضر فإنها قد هلكت. فاستسقى- صلّى الله عليه وسلّم- لهم فسقوا. فنزلت. «إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ» .. قال ابن مسعود رضي الله عنه: أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة؟ .. فلما أصابهم الرفاهية عادوا إلى حالهم، فأنزل الله عز وجل: «يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ» .. قال: يعني يوم بدر.
قال ابن مسعود- رضي الله عنه- فقد مضى خمسة: الدخان، والروم، والقمر، والبطشة، واللزام» ..
وهذا الحديث مخرج في الصحيحين. ورواه الإمام أحمد في مسنده. وهو عند الترمذي والنسائي في تفسيرهما.
وعند ابن جرير، وابن أبي حاتم من طرق متعددة عن الأعمش به. وقد وافق ابن مسعود- رضي الله عنه- على تفسير الآية بهذا، وأن الدخان مضى، جماعة من السلف كمجاهد وأبي العالية وإبراهيم النخعي والضحاك وعطية العوفي. وهو اختيار ابن جرير.
وقال آخرون: لم يمض الدخان بعد، بل هو من أمارات الساعة، كما ورد في حديث أبي سريحة حذيفة ابن أسيد الغفاري- رضي الله عنه- قال: أشرف علينا رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- من عرفة ونحن نتذاكر الساعة، فقال- صلّى الله عليه وسلّم-: «لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى ابن مريم، والدجال، وثلاثة خسوف، خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس- أو تحشر- الناس- تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا» .. تفرد بإخراجه مسلم في صحيحه.
وقال ابن جرير: حدثني محمد بن عوف، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش حدثني أبي، حدثني
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 3210