responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3116
وهذا الإنذار المرهوب المخيف: «فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ» يناسب شناعة الجرم وقبح الذنب، وتبجح المشركين الذي حكي في مطلع السورة، وشذوذ كفار البشر من موكب الوجود الكبير الذي عرض قبل هذا الإنذار.
وقد روى ابن إسحاق قصة عن هذا الإنذار قال: حدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، قال: حُدِّثت أن عتبة بن ربيعة، وكان سيداً، قال يوماً وهو جالس في نادي قريش، ورسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- جالس في المسجد وحده: يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أموراً لعله أن يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا؟ - وذلك حين أسلم حمزة- رضي الله عنه- ورأوا أصحاب رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- يزيدون ويكثرون- فقالوا: بلى يا أبا الوليد فقم إليه فكلمه. فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- فقال: يا بن أخي. إنك منا حيث علمت من البسطة في العشيرة والمكان في النسب وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم، وسفهت أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم. فاسمع مني أعرض عليك أموراً تنظر فيها، لعلك تقبل منها بعضها.
قال: فقال له رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-: «قل يا أبا الوليد أسمع» . قال: يا بن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً وإن كنت تريد به شرفاً سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الأطباء، وبذلنا فيها أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه.. أو كما قال.. حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- يستمع منه قال: «أفرغت يا أبا الوليد؟» قال: نعم. قال: «فاستمع مني» . قال: أفعل. قال: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. حم. تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ» ثم مضى رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- فيها وهو يقرؤها عليه. فلما سمع عتبة أنصت لها، وألقى يديه خلف ظهره، معتمداً عليهما، يستمع منه حتى انتهى رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- إلى السجدة منها فسجد، ثم قال: «قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك» فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي أني سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط. والله ما هو بالسحر، ولا بالشعر، ولا بالكهانة. يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها لي.. خلوا بين الرجل وبين ما هو فيه، فاعتزلوه، فو الله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به. قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه! قال: هذا رأيي فاصنعوا ما بدا لكم.
وقد روى البغوي في تفسيره حديثا بسنده عن محمد بن فضيل عن الأجلح- وهو ابن عبد الله الكندي الكوفي (قال ابن كثير: وقد ضعف بعض الشيء) عن الزيال بن حرملة عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنه- إلى قوله: «فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ» فأمسك عتبة على فيه. وناشده الرحم، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش، واحتبس عنهم.. إلخ..
ثم لما حدثوه في هذا قال: «فأمسكت بفيه وناشدته الرحم أن يكف. وقد علمتم أن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب. فخشيت أن ينزل بكم العذاب» ..
فهذه صورة من وقع هذا الإنذار من فم رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- على قلب رجل لم يؤمن! ولا

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3116
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست