نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 3115
خطانا وخطوات القدر ونتحرك في اللحظة المناسبة بالسرعة المناسبة، في المدى المناسب. نتحرك بقوة الوجود كله مستمدة من خالق الوجود. ونصنع أعمالا عظيمة فعلا، دون أن يدركنا الغرور. لأننا نعرف مصدر القوة التي صنعنا بها هذه الأعمال العظيمة. ونوقن أنها ليست قوتنا الذاتية، إنما هي كانت هكذا لأنها متصلة بالقوة العظمى.
ويا للرضى. ويا للسعادة. ويا للراحة. ويا للطمأنينة التي تغمر قلوبنا يومئذ في رحلتنا القصيرة، على هذا الكوكب الطائع الملبي، السائر معنا في رحلته الكبرى إلى ربه في نهاية المطاف..
ويا للسلام الذي يفيض في أرواحنا ونحن نعيش في كون صديق. كله مستسلم لربه، ونحن معه مستسلمون.
لا تشذ خطانا عن خطاه، ولا يعادينا ولا نعاديه. لأننا منه. ولأننا معه في الاتجاه:
«قالَتا: أَتَيْنا طائِعِينَ» .. «فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ» .. «وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها» ..
واليومان قد يكونان هما اللذان تكونت فيهما النجوم من السدم. أو تم فيهما التكوين كما يعلمه الله. والوحي بالأمر في كل سماء يشير إلى إطلاق النواميس العاملة فيها، على هدى من الله وتوجيه أما ما هي السماء المقصودة فلا نملك تحديدا. فقد تكون درجة البعد سماء. وقد تكون المجرة الواحدة سماء. وقد تكون المجرات التي على أبعاد متفاوتة سماوات.. وقد يكون غير ذلك. مما تحتمله لفظة سماء وهو كثير.
«وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً» ..
والسماء الدنيا هي كذلك ليس لها مدلول واحد محدد. فقد تكون هي أقرب المجرات إلينا وهي المعروفة بسكة التبان والتي يبلغ قطرها مائة ألف مليون سنة ضوئية! وقد يكون غيرها مما ينطبق عليه لفظ سماء. وفيه النجوم والكواكب المنيرة لنا كالمصابيح.
«وَحِفْظاً» .. من الشياطين.. كما يدل على هذا ما ورد في المواضع الأخرى من القرآن.. ولا نملك أن نقول عن الشياطين شيئا مفصلا. أكثر من الإشارات السريعة في القرآن. فحسبنا هذا..
«ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» ..
وهل يقدر هذا كله؟ ويمسك الوجود كله، ويدبر الوجود كله.. إلا العزيز القوي القادر؟ وإلا العليم الخبير بالموارد والمصادر؟
فكيف- بعد هذه الجولة الكونية الهائلة- يكون موقف الذين يكفرون بالله ويجعلون له أندادا؟ كيف. والسماء والأرض تقولان لربهما: «أَتَيْنا طائِعِينَ» وهذا النمل الصغير العاجز من البشر الذي يدب على الأرض يكفر بالله في تبجح واستهتار؟
وما يكون جزاء هذا التبجح وهذا الاستهتار؟
«فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ: أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ. إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ. قالُوا: لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً، فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ. فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَقالُوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً؟ وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ. فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ. وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى، فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ. وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ» ..
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 3115