responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3111
«والهواء والماء على أرضنا هذه قد تعاونا على تفتيت الصخر وتشتيته، وحمله وترسيبه، حتى كانت من ذلك تربة أمكن فيها الزرع. وتعاونا على نحر الجبال والنجاد، وملء الوهاد، فلا تكاد تجد في شيء كان على الأرض أو هو كائن إلا أثر الهدم وأثر البناء» [1] .
«إن هذه القشرة الأرضية في حركة دائمة، وفي تغير دائم، يهتز البحر بالموج فيؤثر فيها، ويتبخر ماء البحر. تبخره الشمس، فيصعد إلى السماء فيكون سحبا تمطر الماء عذبا، فينزل على الأرض متدفقا، فتكون السيول، وتكون الأنهار، تجري في هذه القشرة الأرضية فتؤثر فيها. تؤثر في صخره فتحله فتبدل فيه من صخر صخرا. (أي تحوله إلى نوع آخر من الصخور) وهي من بعد ذلك تحمله وتنقله. ويتبدل وجه الأرض على القرون، ومئات القرون وآلافها. وتعمل الثلوج الجامدة بوجه الأرض ما يفعله الماء السائل. وتفعل الرياح بوجه الأرض ما يفعل الماء. وتفعل الشمس بوجه الأرض ما يفعله الماء والريح، بما تطلق على هذا الوجه من نار ومن نور. والأحياء على الأرض تغير من وجهها كذلك. ويغير فيها ما ينبثق فيها من جوف الأرض من براكين.
«وتسأل عالم الأرض- العالم الجيولوجي- عن صخور هذه القشرة فيعدد لك من صخورها الشيء الكثير، ويأخذ يحدثك عن أنواعها الثلاثة الكبرى.
«يحدثك عن الصخور النارية. تلك التي خرجت من جوف الأرض إلى ظهرها صخرا منصهرا. ثم برد.
ويضرب لك منها مثلا بالجرانيت والبازلت. ويأتيك بعينة منها يشير لك فيها إلى ما احتوته من بلورات، بيضاء وحمراء أو سوداء، ويقول لك: إن كل بلورة من هذه تدل على مركب كيماوي، له كيان بذاته. فهذه الصخور أخلاط. ويلفت فكرك إلى أنه من هذه الصخور النارية ومن أشباهها تكونت قشرة هذه الأرض عند ما تمت الأرض تكونا في القديم الأقدم من الزمان. ثم قام يفعل فيها الماء، هابطا من السماء أو جاريا في الأرض، أو جامدا في الثلج، وقام يفعل الهواء ويفعل الريح.. وقامت تفعل الشمس. قامت جميعها تغير من هذه الصخور. من طبيعتها ومن كيميائها. فولدت منها صخورا غير تلك الصخور حتى ما يكاد يجمعها في منظر أو مخبر شيء.
«وينتقل بك الجيولوجي إلى الصنف الأكبر الثاني من الصخور. إلى الصخور التي أسموها بالمترسبة أو الراسبة، وهي تلك الصخور التي اشتقت، بفعل الماء والريح والشمس، أو بفعل الأحياء من صخور أكثر في الأرض أصالة وأعقد. وأسموها راسبة لأنها لا توجد في مواضعها الأولى. إنها حملت من بعد اشتقاق من صخورها الأولى، أو وهي في سبيل اشتقاق. حملها الماء أو حملتها الريح، ثم هبطت ورسبت واستقرت حيث هي من الأرض.
«ويضرب لك الجيولوجي مثلا للصخور الراسبة بالحجر الجيري الذي يتألف منه جبل كجبل المقطم، ومن حجره تبني القاهرة بيوتها. ويقول لك: إنه مركب كيماوي يعرف بكربونات الكلسيوم، وإنه اشتق في الأرض من عمل الأحياء أو عمل الكيمياء. ويضرب لك مثلا، بالرمل، ويقول لك: إن أكثره أكسيد السيلسيوم، وإنه مشتق كذلك، ومثلا آخر بالطفل والصلصال، وكلها من أصول سابقة.

[1] عن كتاب «مع الله في السماء» للدكتور أحمد زكي.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3111
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست