responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3094
«وَالنَّهارَ مُبْصِراً» .. والتعبير على هذا النحو تعبير مصور مشخص. وكأنما النهار حي يبصر ويرى. وإنما الناس هم الذين يبصرون فيه. لأن هذه هي الصفة الغالبة..
وتقلب الليل والنهار على هذا النحو نعمة في طيها نعم. ولو كان أحدهما سرمدا. بل لو كان أطول مما هو مرات معدودة لانعدمت الحياة. فلا عجب أن يقرن توالي الليل والنهار بذكر الفضل الذي لا يشكره أكثر الناس:
«إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ» ..
ويعقب على هاتين الظاهرتين الكونيتين، بأن الذي خلقهما هو الذي يكون إلها يستحق هذا الاسم العظيم:
«ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ، فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ؟» ..
وإنه لعجيب يستحق التعجيب أن يرى الناس يد الله في كل شيء، ويعلموا أنه الخالق لكل شيء معرفة حتمية مفروضة على العقل فرضا بحكم وجود الأشياء، واستحالة ادعاء أحد أنها من خلقه، وعدم استقامة القول بأنها وجدت من غير موجد. عجيب يستحق التعجيب أن يكون هذا كله، ثم يصرف الناس عن الإيمان والإقرار.. «فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ؟» ..
ولكنه هكذا يصرف ناس عن هذا الحق الواضح. هكذا كما يقع من المخاطبين الأولين بالقرآن. كذلك كان في كل زمان بلا سبب ولا حجة ولا برهان:
«كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ» ..
وينتقل من ظاهرتي الليل والنهار، إلى تصميم الأرض لتكون قرارا، والسماء لتكون بناء:
«اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً» ..
والأرض قرار صالح لحياة الإنسان بتلك الموافقات الكثيرة التي أشرنا إلى بعضها إجمالا. والسماء بناء ثابت النسب والأبعاد والحركات والدورات ومن ثم تضمن الاستقرار والثبات لحياة هذا الإنسان، المحسوب حسابها في تصميم هذا الوجود، المقدرة في بنائه تقديرا..
ويربط بتكوين السماء والأرض تكوين الإنسان ورزقه من الطيبات على النحو الذي أشرنا إلى بعض أسراره:
«وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ» ..
ويعقب على هذه الآيات والهبات كما عقب على الأولى:
«ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ. فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ» ..
ذلكم الذي يخلق ويقدر ويدبر، ويراعيكم ويقدر لكم مكانا في ملكه.. ذلكم الله ربكم. «فَتَبارَكَ اللَّهُ» .. وعظمت بركته وتضاعفت. «رَبُّ الْعالَمِينَ» .. أجمعين.
«هُوَ الْحَيُّ» ..
أجل. هو وحده الحي. الحي حياة ذاتية غير مكسوبة ولا مخلوقة. وغير مبتدئة ولا منتهية. وغير حائلة ولا زائلة. وغير متقلبة ولا متغيرة. وما من شيء له هذه الصفة من الحياة. سبحانه هو المتفرد بالحياة.
وهو المتفرد بالألوهية. بما أنه المتفرد بالحياة. فالحي الواحد هو الله:
«لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» ..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3094
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست