responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3070
فهي قصة قديمة من عهد نوح. ومعركة ذات مواقع متشابهة في كل زمان. وهذه الآية تصور هذه القصة.
قصة الرسالة والتكذيب والطغيان على مدى القرون والأجيال كما تصور العاقبة في كل حال.
رسول يجيء. فيكذبه طغاة قومه. ولا يقفون عند مقارعة الحجة بالحجة، إنما هم يلجأون إلى منطق الطغيان الغليظ، فيهمون أن يبطشوا بالرسول، ويموهون على الجماهير بالباطل ليغلبوا به الحق.. هنا تتدخل يد القدرة الباطشة، فتأخذهم أخذا يعجب ويدهش، ويستحق التعجيب والاستعراض:
«فَكَيْفَ كانَ عِقابِ؟» ..
ولقد كان عقابا مدمرا قاضيا عنيفا شديدا، تشهد به مصارع القوم الباقية آثارها، وتنطق به الأحاديث والروايات.
ولم تنته المعركة. فهي ممتدة الآثار في الآخرة:
«وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ» ..
ومتى حقت كلمة الله على أحد فقد وقعت، وقضي الأمر، وبطل كل جدال.
وهكذا يصور القرآن الحقيقة الواقعة. حقيقة المعركة بين الإيمان والكفر، وبين الحق والباطل، وبين الدعاة إلى الله الواحد والطغاة الذين يستكبرون في الأرض بغير الحق. وهكذا نعلم أنها معركة قديمة بدأت منذ فجر البشرية. وأن ميدانها أوسع من الأرض كلها، لأن الوجود كله يقف مؤمنا بربه مسلما مستسلما، ويشذ منه الذين كفروا يجادلون في آيات الله وحدهم دون سائر هذا الكون الكبير. ونعلم كذلك نهاية المعركة- غير المتكافئة- بين صف الحق الطويل الضخم الهائل وشرذمة الباطل القليلة الضئيلة الهزيلة، مهما يكن تقلبها في البلاد، ومهما يكن مظهرها من القوة والسيطرة والمتاع! هذه الحقيقة- حقيقة المعركة والقوى البارزة فيها، وميدانها في الزمان والمكان- يصورها القرآن لتستقر في القلوب وليعرفها- على وجه خاص- أولئك الذين يحملون دعوة الحق والإيمان في كل زمان ومكان فلا تتعاظمهم قوة الباطل الظاهرة، في فترة محدودة من الزمان، ورقعة محدودة من المكان فهذه ليست الحقيقة. إنما الحقيقة هي التي يصورها لهم كتاب الله، وتنطق بها كلمة الله. وهو أصدق القائلين. وهو العزيز العليم.
ويتصل بتلك الحقيقة الأولى أن حملة العرش ومن حوله- وهم من بين القوى المؤمنة في هذا الوجود- يذكرون المؤمنين من البشر عند ربهم، ويستغفرون لهم، ويستنجزون وعد الله إياهم بحكم رابطة الإيمان بينهم وبين المؤمنين:
«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَيُؤْمِنُونَ بِهِ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا. رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً، فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ، وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ. رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ، وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ- وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ- وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» ..
ونحن لا نعرف ما هو العرش؟ ولا نملك صورة له، ولا نعرف كيف يحمله حملته، ولا كيف يكون من حوله، حوله ولا جدوى من الجري وراء صور ليس من طبيعة الإدراك البشري أن يلم بها، ولا من

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3070
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست