responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3071
الجدل حول غيبيات لم يطلع الله أحدا من المتجادلين عليها وكل ما يتصل بالحقيقة التي يقررها سياق السورة أن عبادا مقربين من الله، «يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ» . «وَيُؤْمِنُونَ بِهِ» .. وينص القرآن على إيمانهم- وهو مفهوم بداهة- ليشير إلى الصلة التي تربطهم بالمؤمنين من البشر.. هؤلاء العباد المقربون يتوجهون بعد تسبيح الله إلى الدعاء للمؤمنين من الناس بخير ما يدعو به مؤمن لمؤمن.
وهم يبدأون دعاءهم بأدب يعلمنا كيف يكون أدب الدعاء والسؤال. يقولون:
«رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً» ..
يقدمون بين يدي الدعاء بأنهم- في طلب الرحمة للناس- إنما يستمدون من رحمة الله التي وسعت كل شيء، ويحيلون إلى علم الله الذي وسع كل شيء وأنهم لا يقدمون بين يدي الله بشيء إنما هي رحمته وعلمه منهما يستمدون وإليهما يلجأون:
«فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ» ..
وتلتقي هذه الإشارة إلى المغفرة والتوبة بمطلع السورة، وبصفة الله هناك: «غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ» ..
كما تلتقي الإشارة إلى عذاب الجحيم، بصفة الله: «شَدِيدِ الْعِقابِ» ..
ثم يرتقون في الدعاء من الغفران والوقاية من العذاب إلى سؤال الجنة واستنجاز وعد الله لعباده الصالحين:
«رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ، وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ. إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» ..
ودخول الجنة نعيم وفوز. يضاف إليه صحبة من صلح من الآباء والأزواج والذريات. وهي نعيم آخر مستقل.
ثم هي مظهر من مظاهر الوحدة بين المؤمنين أجمعين. فعند عقدة الإيمان يلتقي الآباء والأبناء والأزواج، ولولا هذه العقدة لتقطعت بينهم الأسباب:
والتعقيب على هذه الفقرة من الدعاء: «إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» يشير إلى القوة كما يشير إلى الحكمة.
وبها يكون الحكم في أمر العباد..
«وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ. وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ. وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» ..
وهذه الدعوة- بعد الدعاء بإدخالهم جنات عدن- لفتة إلى الركيزة الأولى في الموقف العصيب. فالسيئات هي التي توبق أصحابها في الآخرة، وتوردهم مورد التهلكة. فإذا وقى الله عباده المؤمنين منها وقاهم نتائجها وعواقبها. وكانت هذه هي الرحمة في ذلك الموقف. وكانت كذلك أولى خطوات السعادة. «وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» .. فمجرد الوقاية من السيئات هو أمر عظيم! وبينما أن حملة العرش ومن حوله يتجهون إلى ربهم بهذا الدعاء لإخوانهم المؤمنين. نجد الذين كفروا في الموقف الذي تتطلع كل نفس فيه إلى المعين وقد عز المعين. نجد الذين كفروا هؤلاء- وقد أنبتت العلاقات بينهم وبين كل أحد وكل شيء في الوجود. وإذا هم ينادون من كل مكان بالترذيل والمقت والتأنيب. وإذا هم في موقف الذلة بعد الاستكبار. وفي موقف الرجاء ولات حين رجاء:
«إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ قالُوا: رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا، فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ؟ ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ،

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3071
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست