responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2497
والخزرج- حتى همّوا أن يقتتلوا، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- على المنبر، فلم يزل يخفضهم حتى سكتوا ونزل. وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم. ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم. فأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتين ويوما، حتى أظن أن البكاء فالق كبدي. فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي إذ استأذنت امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي. فبينما نحن كذلك إذ دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جلس، ولم يجلس عندي من يوم قيل فيّ ما قيل قبلها، وقد مكث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء، فتشهد حين جلس، ثم قال: «أما بعد فإنه بلغني عنك كذا وكذا. فإن كنت بريئة فسيبرئك الله تعالى، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله تعالى وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله تعالى عليه» . فلما قضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه بقطرة. فقلت لأبي: أجب عني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فيما قال. قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال. قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-. قالت:
وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن. فقلت: إني والله أعلم أنكم سمعتم حديثا تحدث الناس به، واستقر في نفوسكم، وصدقتم به. فلئن قلت لكم: إني بريئة لا تصدقوني بذلك. ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة، لتصدقنني. فو الله ما أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف إذ قال: «فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ» . ثم تحولت فاضطجعت على فراشي، وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة، وأن الله تعالى مبرئي ببراءتي. ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل الله تعالى في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله تعالى فيّ بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في النوم رؤيا يبرئني الله تعالى بها. فو الله ما رام مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت، حتى أنزل الله تعالى على نبيه- صلى الله عليه وسلم- فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء، فسري عنه، وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال لي: يا عائشة احمدي الله تعالى فإنه قد برأك. فقالت لي أمي: قومي إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقلت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله تعالى، هو الذي أنزل براءتي.
فأنزل الله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ... العشر الآيات» فلما أنزل الله تعالى هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد ما قال لعائشة- رضي الله عنها- فأنزل الله تعالى: «وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ..» إلى قوله: «وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» فقال أبو بكر- رضي الله عنه- بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان يجري عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا. قالت عائشة رضي الله عنها: وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال: «يا زينب.
ما علمت وما رأيت؟» فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت عليها إلا خيرا. وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي- صلى الله عليه وسلم- فعصمها الله تعالى بالورع. قالت: فطفقت أختها حمنة تحارب لها، فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك [1] .

[1] قال ابن شهاب: فهذا ما انتهى إلينا من أمر هؤلاء الرهط. أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث الزهري وهكذا رواه ابن إسحاق عن الزهري كذلك باختلاف يسير.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2497
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست