responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2493
عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا. فقال هلال: والله يا رسول الله لقد صدقت عليها. فقالت: كذب.
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لاعنوا بينهما» .. فقيل لهلال: اشهد. فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين. فلما كانت الخامسة قيل له. يا هلال اتق الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب. فقال: والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها. فشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.. ثم قيل للمرأة. اشهدي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين.
وقيل لها عند الخامسة: اتقي الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب. فتلكأت ساعة وهمت بالاعتراف. ثم قالت: والله لا أفضح قومي. فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.. ففرق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بينهما وقضى أن لا يدعى ولدها لأب ولا يرمى ولدها ومن رمى ولدها فعليه الحد وقضى أن لا بيت لها عليه، ولا قوت لها، من أجل أنهما يفترقان من غير طلاق ولا متوفى عنها. وقال: «إن جاءت به، أصيهب [1] أريسح [2] حمش الساقين»
فهو لهلال.. وإن جاءت به أورق [4] جعدا [5] جماليا [6] خدلج الساقين [7] سابغ الأليتين [8] فهو الذي رميت به» .. فجاءت به أورق جعدا جماليا خدلج الساقين سابغ الأليتين. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لولا الأيمان لكان لي ولها شأن» ..
وهكذا جاء هذا التشريع لمواجهة حالة واقعة بالفعل، وعلاج موقف صعب على صاحبه وعلى المسلمين قد اشتد على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولم يجد منه مخرجا، حتى طفق يقول لهلال بن أمية- كما ورد في رواية البخاري- «البينة أو حد في ظهرك» وهلال يقول: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة؟
ولقد يقول قائل: أليس الله- سبحانه- يعلم أن هذه الحالة قد تعترض التشريع العام للقذف فلماذا لم ينزل الله الاستثناء إلا بعد ذلك الموقف المحرج؟
والجواب: بلى إنه سبحانه ليعلم. ولكن حكمته تقتضي أن ينزل التشريع عند الشعور بالحاجة إليه، فتستقبله نفوس الناس باللهفة إليه، وإدراك ما فيه من حكمة ورحمة. ومن ثم عقب عليه بقوله: «وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ» .
ونقف قليلا أمام هذه الواقعة، لنرى كيف صنع الإسلام، وكيف صنعت تربية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- للناس بهذا القرآن.. كيف صنع هذا بالنفس العربية الغيور الشديدة الانفعال، المتحمسة التي لا تفكر

[1] أصيهب: تصغير أصهب وهو الذي في شعره حمرة.
[2] أريسح: تصغير أرسح وهو خفيف لحم الأليتين. [.....]
(3) حمش الساقين: دقيقهما.
[4] أورق: أسمر.
[5] جعدا: شديد الأسر والخلق والذي شعره غير سبط وهما مدح. والقصير المتردد الخلق والبخيل وهما ذم.
[6] الجمالي: الضخم الأعضاء التام الأوصال.
[7] خدلج الساقين: عظيمهما.
[8] سابغ الأليتين: تامهما وعظيمهما.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2493
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست