نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2492
وفي هذه النصوص تيسير على الأزواج، يناسب دقة الحالة وحرج الموقف. ذلك حين يطلع الزوج على فعلة زوجته وليس له من شاهد إلا نفسه. فعندئذ يحلف أربع مرات بالله إنه لصادق في دعواه عليها بالزنا، ويحلف يمينا خامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. وتسمى هذه شهادات لأنه الشاهد الوحيد. فإذا فعل أعطاها قدر مهرها، وطلقت منه طلقة بائنة، وحق عليها حد الزنا وهو الرجم.. ذلك إلا أن ترغب في درء الحد عنها فإنها عندئذ تحلف بالله أربع مرات أنه كاذب عليها فيما رماها به وتحلف يمينا خامسة بأن غضب الله عليها إن كان صادقا وهي كاذبة.. بذلك يدرأ عنها الحد، وتبين من زوجها بالملاعنة ولا ينسب ولدها- إن كانت حاملا- إليه بل إليها. ولا يقذف الولد ومن يقذفه يحد..
وقد عقب على هذا التخفيف والتيسير، ومراعاة الأحوال والظروف بقوله:
«وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ، وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ» ..
ولم يبين ما الذي كان يكون لولا فضل الله ورحمته بمثل هذه التيسيرات، وبالتوبة بعد مقارفة الذنوب..
لم يبينه ليتركه مجملا مرهوبا، يتقيه المتقون. والنص يوحي بأنه شر عظيم.
وقد وردت روايات صحيحة في سبب نزول هذا الحكم:
روى الإمام أحمد- بإسناده- عن ابن عباس قال: لما نزلت: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً، وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً» قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار- رضي الله عنه-: أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟» فقالوا: يا رسول الله لا تلمه، فإنه رجل غيور. والله ما تزوج امرأة قط إلا بكرا، وما طلق امرأة قط فاجترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته.. فقال سعد: والله يا رسول الله إني لأعلم أنها لحق، وأنها من الله ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاعا قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء. فو الله إني لا آتي بهم حتى يقضي حاجته.. قال: فما لبثوا إلا يسيرا حتى جاء هلال بن أمية [1] ، فجاء من أرضه عشاء، فوجد عند أهله رجلا، فرأى بعينيه، وسمع بأذنيه، فلم يهيجه حتى أصبح فغدا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إني جئت على أهلي عشاء، فوجدت عندها رجلا، فرأيت بعيني وسمعت بأذني.. فكره رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ما جاء به واشتد عليه واجتمعت عليه الأنصار وقالوا: قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة، إلا أن يضرب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هلال بن أمية، ويبطل شهادته في الناس. فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله منها مخرجا. وقال هلال: يا رسول الله فإني قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به، والله يعلم إني لصادق..
فو الله إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يريد أن يأمر بضربه إذ أنزل الله على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الوحي. وكان إذا أنزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربد وجهه. (يعني فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي) فنزلت: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ ...
الآية» فسري عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: «أبشر يا هلال فقد جعل الله لك فرجا ومخرجا» ..
فقال هلال: قد كنت أرجو ذلك من ربي عز وجل. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أرسلوا إليها» فأرسلوا إليها فجاءت فتلاها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عليهما، فذكرهما، وأخبرهما أن [1] وهو أحد الثلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2492