responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2494
طويلا قبل الاندفاع. فهذا حكم ينزل بعقوبة القذف، فيشق على هذه النفوس. يشق عليها حتى ليسأل سعد ابن عبادة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ يسأل هذا السؤال وهو مستيقن أنها هكذا أنزلت. ولكنه يعبر بهذا السؤال عن المشقة التي يجدها في نفسه من الخضوع لهذا الحكم في حالة معينة في فراشه. وهو يعبر عن مرارة هذا التصور بقوله: والله يا رسول الله إني لأعلم أنها لحق، وأنها من الله ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاعا قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء؟ فو الله إني لا آتي بهم حتى يكون قد قضى حاجته! وما يلبث هذا التصور المرير الذي لا يطيقه سعد بن عبادة في خياله.. ما يلبث أن يتحقق.. فهذا رجل يرى بعينيه ويسمع بأذنيه، ولكنه يجد نفسه محجوزا بحاجز القرآن فيغلب مشاعره، ويغلب وراثاته، ويغلب منطق البيئة العربية العنيف العميق ويكبح غليان دمه، وفوران شعوره، واندفاع أعصابه.. ويربط على هذا كله في انتظار حكم الله وحكم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو جهد شاق مرهق ولكن التربية الإسلامية أعدت النفوس لاحتماله كي لا يكون حكم إلا لله، في ذات الأنفس وفي شؤون الحياة.
كيف أمكن أن يحدث هذا؟ لقد حدث لأنهم كانوا يحسون أن الله معهم، وأنهم في كنف الله، وأن الله يرعاهم، ولا يكلفهم عنتا ولا رهقا، ولا يتركهم عند ما يتجاوز الأمر طاقتهم، ولا يظلمهم أبدا. كانوا يعيشون دائما في ظل الله، يتنفسون من روح الله، ويتطلعون إليه دائما كما يتطلع الأطفال إلى العائل الكافل الرحيم.. فها هو ذا هلال بن أمية يرى بعينيه ويسمع بأذنيه، وهو وحده فيشكو إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلا يجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مناصا من تنفيذ حد الله، وهو يقول له: «البينة.
أو حد في ظهرك» ولكن هلال بن أمية لا يتصور أن الله تاركه للحد، وهو صادق في دعواه. فإذا الله ينزل ذلك الاستثناء في حالة الأزواج فيبشر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هلالا به فإذا هو يقول قولة الواثق المطمئن: قد كنت أرجو ذلك من ربي عز وجل.. فهو الاطمئنان إلى رحمة الله ورعايته وعدله.
والاطمئنان أكثر إلى أنه معهم، وأنهم ليسوا متروكين لأنفسهم إنما هم في حضرته، وفي كفالته.. وهذا هو الإيمان الذي راضهم على الطاعة والتسليم والرضى بحكم الله.
وبعد الانتهاء من بيان حكم القذف يورد نموذجا من القذف، يكشف عن شناعة الجرم وبشاعته وهو يتناول بيت النبوة الطاهر الكريم، وعرض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أكرم إنسان على الله، وعرض صديقه الصديق أبي بكر- رضي الله عنه- أكرم إنسان على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعرض رجل من الصحابة- صفوان بن المعطل رضي الله عنه- يشهد رسول الله أنه لم يعرف عليه إلا خيرا.. وهو يشغل المسلمين في المدينة شهرا من الزمان..
ذلك هو حديث الإفك الذي تطاول إلى ذلك المرتقى السامي الرفيع:
«إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ. لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ، بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ، وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ. لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً، وَقالُوا: هذا إِفْكٌ مُبِينٌ. لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ! فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ. وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ. إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ، وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ. وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ: ما يَكُونُ

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2494
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست