responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2233
«وَقالُوا: أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً؟ قُلْ: كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ. فَسَيَقُولُونَ: مَنْ يُعِيدُنا؟ قُلِ: الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ. فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ: مَتى هُوَ؟ قُلْ: عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً، يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا» ..
وقد كانت قضية البعث مثار جدل طويل بين الرسول- صلى الله عليه وسلم- والمشركين، واشتمل القرآن الكريم على الكثير من هذا الجدل. مع بساطة هذه القضية ووضوحها عند من يتصور طبيعة الحياة والموت، وطبيعة البعث والحشر. ولقد عرضها القرآن الكريم في هذا الضوء مرات. ولكن القوم لم يكونوا يتصورونها بهذا الوضوح وبتلك البساطة فكان يصعب عليهم تصور البعث بعد البلى والفناء المسلط على الأجسام:
«وَقالُوا: أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً» ؟
ذلك أنهم لم يكونوا يتدبرون أنهم لم يكونوا أحياء أصلا ثم كانوا، وأن النشأة الآخرة ليست أعسر من النشأة الأولى. وأنه لا شيء أما القدرة الإلهية أعسر من شيء، وأداة الخلق واحدة في كل شيء: «كُنْ فَيَكُونُ» فيستوي إذن أن يكون الشيء سهلا وأن يكون صعبا في نظر الناس، متى توجهت الإرادة الإلهية إليه.
وكان الرد على ذلك التعجب:
«قُلْ: كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ» ..
والعظام والرفات فيها رائحة البشرية وفيها ذكرى الحياة والحديد والحجارة أبعد عن الحياة. فيقال لهم:
كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا آخر أو غل في البعد عن الحياة من الحجارة والحديد مما يكبر في صدوركم أن تتصوروه وقد نفخت فيه الحياة. فسيبعثكم الله.
وهم لا يملكون أن يكونوا حجارة أو حديدا أو خلقا آخر ولكنه قول للتحدي. وفيه كذلك ظل التوبيخ والتقريع، فالحجارة والحديد جماد لا يحس ولا يتأثر، وفي هذا إيماء من بعيد إلى ما في تصورهم من جمود وتحجر! «فَسَيَقُولُونَ: مَنْ يُعِيدُنا» ؟
من يردنا إلى الحياة إن كنا رفاتا وعظاما، أو خلقا آخر أشد إيغالا في الموت والخمود؟ «قُلِ: الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ» ...
وهو رد يرجع المشكلة إلى تصور بسيط واضح مريح. فالذي أنشأهم إنشاء قادر على أن يردهم أحياء. ولكنهم لا ينتفعون به ولا يقتنعون:
«فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ» ينغضونها علوا أو سفلا، استنكارا واستهزاء:
«وَيَقُولُونَ: مَتى هُوَ؟» : استبعادا لهذا الحادث واستنكارا.
«قُلْ: عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً» ..
فالرسول لا يعلم موعده تحديدا. ولكن لعله أقرب مما يظنون. وما أجدرهم أن يخشوا وقوعه وهم في غفلتهم يكذبون ويستهزئون! ثم يرسم مشهدا سريعا لذلك اليوم:
«يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ، وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا» ..
وهو مشهد يصور أولئك المكذبين بالبعث المنكرين له، وقد قاموا يلبون دعوة الداعي، وألسنتهم تلهج بحمد

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2233
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست