نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2210
إيمان المتعنتين الذين استفزوه من الأرض، فأخذهم الله بالعذاب والنكال.
وتنتهي السورة بالحديث عن القرآن والحق الأصيل فيه. القرآن الذي نزل مفرقا ليقرأه الرسول على القوم زمنا طويلا بمناسباته ومقتضياته، وليتأثروا به ويستجيبوا له استجابة حية واقعية عملية. والذي يتلقاه الذين أوتوا العلم من قبله بالخشوع والتأثر إلى حد البكاء والسجود. ويختم السورة بحمد الله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل. كما بدأها بتسبيحه وتنزيهه.
وقصة الإسراء- ومعها قصة المعراج- إذ كانتا في ليلة واحدة- الإسراء من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس. والمعراج من بيت المقدس إلى السماوات العلى وسدرة المنتهى، وذلك العالم الغيبي المجهول لنا.. هذه القصة جاءت فيها روايات شتى وثار حولها جدل كثير. ولا يزال إلى اليوم يثور.
وقد اختلفت في المكان الذي أسري منه، فقيل هو المسجد الحرام بعينه- وهو الظاهر- وروي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- «بينا أنا في المسجد في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذ أتاني جبريل عليه السلام بالبراق» . وقيل: أسري به من دار أم هانئ بنت أبي طالب. والمراد بالمسجد الحرام الحرم لإحاطته بالمسجد والتباسه به. وعن ابن عباس: الحرم كله مسجد.
وروي أنه كان نائما في بيت أم هانىء بعد صلاة العشاء فأسري به ورجع من ليلته، وقص القصة على أم هانىء وقال: «مثل لي النبيون فصليت بهم» ثم قام ليخرج إلى المسجد، فتشبثت أم هانىء بثوبه، فقال:
«ما لك؟» قالت: أخشى أن يكذبك قومك إن أخبرتهم. قال: «وإن كذبوني» . فخرج فجلس إليه أبو جهل، فأخبره رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بحديث الإسراء. فقال أبو جهل: يا معشر بني كعب ابن لؤي هلم. فحدثهم، فمن بين مصفق وواضع يده على رأسه تعجبا وإنكارا وارتد ناس ممن كان آمن به وسعى رجال إلى أبي بكر- رضي الله عنه- فقال: أو قال ذلك؟ قالوا نعم. قال: فأنا أشهد لئن كان قال ذلك لقد صدق. قالوا: فتصدقه في أن يأتي في الشام في ليلة واحدة ثم يرجع إلى مكة قبل أن يصبح؟ قال:
نعم أنا أصدقه بأبعد من ذلك. أصدقه بخبر السماء! فسمي الصدّيق. وكان منهم من سافر إلى بيت المقدس فطلبوا إليه وصف المسجد، فجلى له، فطفق ينظر إليه وينعته لهم، فقالوا: أما النعت فقد أصاب. فقالوا: أخبرنا عن عيرنا. فأخبرهم بعدد جمالها وأحوالها وقال: تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق.
فخرجوا يشتدون ذلك اليوم نحو الثنية- لمراقبة مقدم العير- فقال قائل منهم: هذه والله الشمس قد شرقت.
فقال آخر: وهذه والله العير قد أقبلت يقدمها جمل أورق، كما قال محمد.. ثم لم يؤمنوا! .. وفي الليلة ذاتها كان العروج به إلى السماء من بيت المقدس.
واختلف في أن الإسراء كان في اليقظة أم في المنام. فعن عائشة- رضي الله عنها- أنها قالت: والله ما فقد جسد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولكن عرج بروحه. وعن الحسن كان في المنام رؤيا رآها. وفي أخبار أخرى أنه كان بروحه وجسمه، وأن فراشه- عليه الصلاة والسلام- لم يبرد حتى عاد إليه.
والراجح من مجموع الروايات أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ترك فراشه في بيت أم هانىء إلى المسجد فلما كان في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان أسري به وعرج. ثم عاد إلى فراشه قبل أن يبرد.
على أننا لا نرى محلا لذلك الجدل الطويل الذي ثار قديما والذي يثور حديثا حول طبيعة هذه الواقعة المؤكدة في حياة الرسول- صلى الله عليه وسلم- والمسافة بين الإسراء والمعراج بالروح أو بالجسم، وبين أن تكون
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2210