نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2209
شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً» .
في تلك الموضوعات المنوعة حول ذلك المحور الواحد الذي بيّنا، يمضي سياق السورة في أشواط متتابعة.
يبدأ الشوط الأول بالإشارة إلى الإسراء: «سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ» مع الكشف عن حكمة الإسراء «لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا» .. وبمناسبة المسجد الأقصى يذكر كتاب موسى وما قضى فيه لبني إسرائيل، من نكبة وهلاك وتشريد مرتين، بسبب طغيانهم وإفسادهم مع إنذارهم بثالثة ورابعة «وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا» .. ثم يقرر أن الكتاب الأخير- القرآن- يهدي للتي هي أقوم، بينما الإنسان عجول مندفع لا يملك زمام انفعالاته. ويقرر قاعدة التبعة الفردية في الهدى والضلال، وقاعدة التبعة الجماعية في التصرفات والسلوك.
ويبدأ الشوط الثاني بقاعدة التوحيد، ليقيم عليها البناء الاجتماعي كله وآداب العمل والسلوك فيه، ويشدها إلى هذا المحور الذي لا يقوم بناء الحياة إلا مستنداً إليه.
ويتحدث في الشوط الثالث عن أوهام الوثنية الجاهلية حول نسبة البنات والشركاء إلى الله، وعن البعث واستبعادهم لوقوعه، وعن استقبالهم للقرآن وتقولاتهم على الرسول- صلى الله عليه وسلم- ويأمر المؤمنين أن يقولوا قولاً آخر، ويتكلموا بالتي هي أحسن.
وفي الشوط الرابع يبين لماذا لم يرسل الله محمدا- صلى الله عليه وسلم- بالخوارق فقد كذب بها الأولون، فحق عليهم الهلاك اتباعاً لسنة الله كما يتناول موقف المشركين من إنذار الله لهم في رؤيا الرسول- صلى الله عليه وسلم- وتكذيبهم وطغيانهم. ويجيء في هذا السياق طرف من قصة إبليس، وإعلانه أنه سيكون حرباً على ذرية آدم. يجيء هذا الطرف من القصة كأنه كشف لعوامل الضلال الذي يبدو من المشركين. ويعقب عليه بتخويف البشر من عذاب الله، وتذكيرهم بنعمة الله عليهم في تكريم الإنسان، وما ينتظر الطائعين والعصاة يوم ندعو كل أناس بإمامهم: «فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا. وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا» .
ويستعرض الشوط الأخير كيد المشركين للرسول- صلى الله عليه وسلم- ومحاولة فتنته عن بعض ما أنزل إليه ومحاولة إخراجه من مكة. ولو أخرجوه قسراً- ولم يخرج هو مهاجراً بأمر الله- لحل بهم الهلاك الذي حل بالقرى من قبلهم حين أخرجت رسلها أو قتلتهم. ويأمر الرسول- صلى الله عليه وسلم- أن يمضي في طريقه يقرأ قرآنه ويصلي صلاته، ويدعو الله أن يحسن مدخله ومخرجه ويعلن مجيء الحق وزهوق الباطل، ويعقب بأن هذا القرآن الذي أرادوا فتنته عن بعضه فيه شفاء وهدى للمؤمنين، بينما الإنسان قليل العلم «وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» .
ويستمر في الحديث عن القرآن وإعجازه. بينما هم يطلبون خوارق مادية، ويطلبون نزول الملائكة، ويقترحون أن يكون للرسول بيت من زخرف أو جنة من نخيل وعنب، يفجر الأنهار خلالها تفجيراً! أو أن يفجر لهم من الأرض ينبوعاً. أو أن يرقى هو في السماء ثم يأتيهم بكتاب مادي معه يقرأونه ... إلى آخر هذه المقترحات التي يمليها العنت والمكابرة، لا طلب الهدى والاقتناع. ويرد على هذا كله بأنه خارج عن وظيفة الرسول وطبيعة الرسالة، ويكل الأمر إلى الله. ويتهكم على أولئك الذين يقترحون هذه الاقتراحات كلها بأنهم لو كانوا يملكون خزائن رحمة الله- على سعتها وعدم نفادها- لأمسكوا خوفاً من الإنفاق! وقد كان حسبهم أن يستشعروا أن الكون وما فيه يسبح لله، وأن الآيات الخارقة قد جاء بها موسى من قبل فلم تؤد إلى
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2209