responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2148
وهكذا عجلوا له البشرى، وعجل بها السياق دون تفصيل.
كذلك يثبت هنا رد إبراهيم ولا يدخل امرأته وحوارها في هذه الحلقة:
«قال: أبشرتموني على أن مسني الكبر؟ فبم تبشرون؟» فقد استبعد إبراهيم في أول الأمر أن يرزق بولد وقد مسه الكبر (وزوجته كذلك عجوز عقيم كما جاء في مجال آخر) فرده الملائكة إلى اليقين:
«.. قالوا: بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين» ..
أي من اليائسين. فآب إبراهيم سريعا، ونفى عن نفسه القنوط من رحمة الله:
«قال: ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون؟» وبرزت كلمة «الرحمة» في حكاية قول إبراهيم تنسيقا مع المقدمة في هذا السياق وبرزت معها الحقيقة الكلية: أنه لا يقنط من رحمة ربه إلا الضالون. الضالون عن طريق الله، الذين لا يستروحون روحه، ولا يحسون رحمته، ولا يستشعرون رأفته وبره ورعايته. فأما القلب الندي بالإيمان، المتصل بالرحمن، فلا ييأس ولا يقنط مهما أحاطت به الشدائد، ومهما ادلهمت حوله الخطوب، ومهما غام الجو وتلبد، وغاب وجه الأمل في ظلام الحاضر وثقل هذا الواقع الظاهر.. فإن رحمة الله قريب من قلوب المؤمنين المهتدين. وقدرة الله تنشئ الأسباب كما تنشئ النتائج، وتغير الواقع كما تغير الموعود.
وهنا- وقد اطمأن إبراهيم إلى الملائكة، وثابت نفسه واطمأنت للبشرى- راح يستطلع سبب مجيئهم وغايته:
«قال: فما خطبكم أيها المرسلون؟ قالوا: إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين. إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين، إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين [1] » ..
ولا يعرض السياق لجدال إبراهيم عن لوط وقومه هنا كما عرض له في سورة هود. بل يصل إخبار الملائكة له، بالنبأ كله. ذلك أنه يصدق رحمة الله بلوط وأهله، وعذابه لامرأته وقومه. وينتهي بذلك دورهم مع إبراهيم، ويمضون لعملهم مع قوم لوط..
«فلما جاء آل لوط المرسلون، قال: إنكم قوم منكرون. قالوا: بل جئناك بما كانوا فيه يمترون.
وآتيناك بالحق وإنا لصادقون. فأسر بأهلك بقطع من الليل، واتبع أدبارهم، ولا يلتفت منكم أحد، وامضوا حيث تؤمرون. وقضينا إليه ذلك الأمر: أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين» ..
وهكذا يعجل السياق إخبارهم للوط بأنهم الملائكة، جاءوه بما كان قومه يمترون فيه من أخذهم بذنوبهم وإهلاكهم جزاء ما يرتكبون، تصديقا لوعد الله، وتوكيدا لوقوع العذاب حين ينزل الملائكة بلا إبطاء.
«قال: إنكم قوم منكرون» ..
قالها ضيّق النفس بهم، وهو يعرف قومه، ويعرف ماذا سيحاولون بأضيافه هؤلاء، وهو بين قومه غريب، وهم فجرة فاحشون.. إنكم قوم منكرون ان تجيئوا إلى هذه القرية وأهلها مشهورون بما يفعلون مع أمثالكم حين يجيئون!

[1] أي إنها باقية مع القوم تلقى مصيرهم. وأصله من الغبرة وهي بقية اللبن في الضرع.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست