responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2147
ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ»
..
فتبدو السورة وحدة متناسقة، يظاهر بعضها بعضا.. وذلك مع ما هو معلوم من أن السور لم تكن تنزل جملة إلا نادرا، وأن الآيات الواردة فيها لم تكن تنزل متتالية تواليها في المصحف. ولكن ترتيب هذه الآيات في السور ترتيب توقيفي، فلا بد من حكمة في ترتيبها على هذا النسق. وقد كشفت لنا جوانب من هذه الحكمة حتى الآن في السور التي عرضناها في تماسك بنيان السور، واتحاد الجو والظلال في كل سورة.. والعلم بعد ذلك لله. إنما هو اجتهاد. والله الموفق إلى الصواب.
«نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ» ..
يجيء هذا الأمر للرسول- صلى الله عليه وسلم- بعد ذكر جزاء الغاوين وجزاء المتقين في سياق السورة.
والمناسبة بينهما ظاهرة في السياق. ويقدم الله نبأ الغفران والرحمة على نبأ العذاب. جرياً على الأصل الذي ارتضت مشيئته. فقد كتب على نفسه الرحمة. وإنما يذكر العذاب وحده أحياناً أو يقدم في النص لحكمة خاصة في السياق تقتضي إفراده بالذكر أو تقديمه.
ثم تجيء قصة إبراهيم مع الملائكة المرسلين إلى قوم لوط.. وقد وردت هذه الحلقة من قصة إبراهيم وقصة لوط في مواضع متعددة بأشكال متنوعة، تناسب السياق الذي وردت فيه. ووردت قصة لوط وحده في مواضع أخرى.
وقد مرت بنا حلقة من قصة لوط في الأعراف، وحلقة من قصة إبراهيم ولوط في هود.. فأما في الأولى فقد تضمنت استنكار لوط لما يأتيه قومه من الفاحشة، وجواب قومه: «أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ» .. وإنجاءه هو وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين. وذلك دون ذكر لمجيء الملائكة إليه وائتمار قومه بهم.. وأما في الثانية فقد جاءت قصة الملائكة مع إبراهيم ولوط مع اختلاف في طريقه العرض. فهناك تفصيل في الجزء الخاص بإبراهيم وتبشيره وامرأته قائمة، وجداله مع الملائكة عن لوط وقومه. وهو ما لم يذكر هنا. وكذلك يختلف ترتيب الحوادث في القسم الخاص بلوط في السورتين.. ففي سورة هود لم يكشف عن طبيعة الملائكة إلا بعد أن جاءه قومه يهرعون إليه وهو يرجوهم في ضيفه فلا يقبلون رجاءه، حتى ضاق بهم ذرعاً وقال قولته الأسيفة: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد!» . وأما هنا فقدم الكشف عن طبيعة الملائكة منذ اللحظة الأولى، وأخر حكاية القوم وائتمار هم بضيف لوط. لأن المقصود هنا ليس هو القصة بترتيبها الذي وقعت به، ولكن تصديق النذير، وأن الملائكة حين ينزلون فإنما ينزلون للعذاب فلا ينظر القوم ولا يمهلون..
«ونبئهم عن ضيف إبراهيم. إذ دخلوا عليه فقالوا: سلاما. قال: إنا منكم وجلون. قالوا: لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم. قال: أبشرتموني على أن مسني الكبر؟ فبم تبشرون؟ قالوا: بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين. قال: ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون؟» .
قالوا: سلاما. قال: إنا منكم وجلون.. ولم يذكر هنا سبب قوله، ولم يذكر أنه جاءهم بعجل حنيذ..
«فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة» .. كما جاء في سورة هود. ذلك أن المجال هنا هو مجال تصديق الرحمة التي ينبئ الله بها عباده على لسان رسوله، لا مجال تفصيلات قصة إبراهيم..
«قالُوا: لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ» ..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست