responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2108
ويستمد منهما مواد الحياة وطاقاتها. فهما مسخران بالناموس الكوني ليصدر عنهما ما يستخدمه هذا الإنسان في حياته ومعاشه بل في تركيب خلاياه وتجديدها.
«وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ» ..
سخرهما كذلك وفق حاجة الإنسان وتركيبه، وما يناسب نشاطه وراحته. ولو كان نهار دائم او ليل دائم لفسد جهاز هذا الإنسان فضلاً على فساد ما حوله كله، وتعذر حياته ونشاطه وإنتاجه.
وليست هذه سوى الخطوط العريضة في صفحة الآلاء المديدة. ففي كل خط من النقط ما لا يحصى.
ومن ثم يضم إليها على وجه الإجمال المناسب للوحة المعروضة وللجو الشامل:
«وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ» ..
من مال وذرية وصحة وزينة ومتاع ...
«وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها» ..
فهي أكبر وأكثر من أن يحصيها فريق من البشر، أو كل البشر. وكلهم محدودون بين حدين من الزمان:
بدء ونهاية. وبين حدود من العلم تابعة لحدود الزمان والمكان. ونعم الله مطلقة- فوق كثرتها- فلا يحيط بها إدراك إنسان..
وبعد ذلك كله تجعلون لله أنداداً، وبعد ذلك كله لا تشكرون نعمة الله بل تبدلونها كفراً..
«إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ» !!! وحين يستيقظ ضمير الإنسان، ويتطلع إلى الكون من حوله، فإذا هو مسخر له، إما مباشرة، وإما بموافقة ناموسه لحياة البشر وحوائجهم ويتأمل فيما حوله فإذا هو صديق له برحمة الله، معين بقدرة الله، ذلول له بتسخير الله.. حين يستيقظ ضمير الإنسان فيتطلع ويتأمل ويتدبر. لا بد يرتجف ويخشع ويسجد ويشكر، ويتطلع دائماً إلى ربه المنعم: حين يكون في الشدة ليبدله منها يسراً، وحين يكون في الرخاء ليحفظ عليه النعماء.
والنموذج الكامل للإنسان الذاكر الشاكر هو أبو الأنبياء. إبراهيم. الذي يظلل سمته هذه السورة، كما تظللها النعمة وما يتعلق بها من شكران او كفران.. ومن ثم يأتي به السياق في مشهد خاشع، يظلله الشكر، وتشيع فيه الضراعة، ويتجاوب فيه الدعاء، في نغمة رخية متموجة، ذاهبة في السماء.
«وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً، وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ. رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ، فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ، رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ، فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ، وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ. رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ، وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ، إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ. رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي، رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ. رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ» ..
إن السياق يصور إبراهيم- عليه السلام- إلى جوار بيت الله الذي بناه في البلد الذي آل إلى قريش، فإذا بها تكفر فيه بالله، مرتكنة إلى البيت الذي بناه بانيه لعبادة الله! فيصوره في هذا المشهد الضارع الخاشع

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست