نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2018
على هذا او ذاك نتائجه وعواقبه في حياتهم في الدنيا وفي جزائهم في الآخرة. ولكن الناس لا يكونون مسلمين حتى يختاروا حكم الله هذا وينفذوه فعلاً راضين..
وسار الركب، ونفذوا وصية أبيهم:
«وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ، ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ- إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها- وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» ..
فيم كانت هذه الوصية؟ لم قال لهم أبوهم: لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة؟
تضرب الروايات والتفاسير في هذا وتبدى وتعيد، بلا ضرورة، بل ضد ما يقتضيه السياق القرآني الحكيم.
فلو كان السياق يحب أن يكشف عن السبب لقال. ولكنه قال فقط- إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها- فينبغي أن يقف المفسرون عند ما أراده السياق. احتفاظاً بالجو الذي أراده. والجو يوحي بأنه كان يخشى شيئاً عليهم، ويرى في دخولهم من أبواب متفرقة اتقاء لهذا الشيء مع تسليمه بأنه لا يغني عنهم من الله من شيء. فالحكم كله إليه، والاعتماد كله عليه. إنما هو خاطر شعر به، وحاجة في نفسه قضاها بالوصية، وهو على علم بأن إرادة الله نافذة. فقد علمه الله هذا فتعلم.
«وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» ..
ثم ليكن هذا الشيء الذي كان يخشاه هو العين الحاسدة، أو هي غيرة الملك من كثرتهم وفتوتهم. أو هو تتبع قطاع الطريق لهم. أو كائناً ما كان فهو لا يزيد شيئاً في الموضوع. سوى أن يجد الرواة والمفسرون باباً للخروج عن الجو القرآني المؤثر إلى قال وقيل، مما يذهب بالجو القرآني كله في كثرة الأحايين! فلنطو نحن الوصية والرحلة كما طواها السياق، لنلتقي بإخوة يوسف في المشهد التالي بعد الوصول:
«ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه. قال: إني أنا أخوك، فلا تبتئس بما كانوا يعملون» ..
ونجد السياق هنا يعجل بضم يوسف لأخيه في المأوى، وإطلاعه على أنه أخوه ودعوته لأن يترك من خاطره ذكرى ما فعله إخوته به من قبل، وهي ذكرى لا بد كان يبتئس لها الصغير كلما علمها من البيت الذي كان يعيش فيه. فما كان يمكن أن تكون مكتومة عنه في وسطه في أرض كنعان.
يعجل السياق بهذا، بينما الطبيعي والمفهوم أن هذا لم يحدث فور دخولهم على يوسف. ولكن بعد أن اختلى يوسف بأخيه. ولكن هذا ولا شك كان أول خاطر ساور يوسف عند دخولهم عليه، وعند رؤيته لأخيه، بعد الفراق الطويل.
ومن ثم جعله السياق أول عمل لأنه كان أول خاطر. وهذه من دقائق التعبير في هذا الكتاب العجيب! ويطوي السياق كذلك فترة الضيافة، وما دار فيها بين يوسف وإخوته، ليعرض مشهد الرحيل الأخير.
فنطلع على تدبير يوسف ليحتفظ بأخيه، ريثما يتلقى إخوته درساً أو دروساً ضروريةً لهم، وضرورية للناس في كل زمان ومكان:
«فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن: أيتها العير إنكم لسارقون: قالوا- وأقبلوا عليهم- ماذا تفقدون؟ قالوا: نفقد صواع الملك، ولمن جاء به حمل بعير، وأنا به زعيم. قالوا:
تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض، وما كنا سارقين. قالوا: فما جزاؤه إن كنتم كاذبين؟ قالوا:
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2018