responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 7
وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ إِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ عِلْمُ شَيْءٍ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ اتَّخَذَها أَيِ:
الْآيَاتِ هُزُواً وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي «اتَّخَذَهَا» عَائِدٌ إِلَى «شَيْئًا» لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنِ الْآيَاتِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولئِكَ إِلَى كُلِّ أَفَّاكٍ مُتَّصِفٍ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ بِسَبَبِ مَا فَعَلُوا مِنَ الْإِصْرَارِ وَالِاسْتِكْبَارِ عَنْ سَمَاعِ آيَاتِ اللَّهِ وَاتِّخَاذِهَا هُزُوًا، وَالْعَذَابُ الْمُهِينُ هُوَ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْإِذْلَالِ وَالْفَضِيحَةِ مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ أَيْ: مِنْ وَرَاءِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ التَّعَزُّزِ بِالدُّنْيَا وَالتَّكَبُّرِ عَنِ الْحَقِّ جَهَنَّمُ، فَإِنَّهَا مِنْ قُدَّامِهِمْ لِأَنَّهُمْ مُتَوَجِّهُونَ إِلَيْهَا، وَعَبَّرَ بِالْوَرَاءِ عَنِ الْقُدَّامِ، كَقَوْلِهِ: مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ [1] وَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَلَيْسَ وَرَائِي إِنْ تَرَاخَتْ مَنِيَّتِي [2] ............... .......
وَقِيلَ: جَعَلَهَا بِاعْتِبَارِ إِعْرَاضِهِمْ عَنْهَا كَأَنَّهَا خَلْفَهُمْ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئاً أَيْ: لَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ شَيْئًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَلَا يَنْفَعُهُمْ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ النَّفْعِ وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ مَعْطُوفٌ عَلَى «مَا كَسَبُوا» ، أَيْ: وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ مِنَ الْأَصْنَامِ، وَ «مَا» فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِمَّا مَصْدَرِيَّةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ، وَزِيَادَةُ لَا فِي الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ لِلتَّأْكِيدِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ فِي جَهَنَّمَ الَّتِي هِيَ مِنْ وَرَائِهِمْ هَذَا هُدىً جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ، يَعْنِي هَذَا الْقُرْآنُ هُدًى لِلْمُهْتَدِينَ بِهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ الْقُرْآنِيَّةِ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ الرِّجْزُ: أَشَدُّ الْعَذَابِ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «أَلِيمٍ» بِالْجَرِّ صِفَةً لِلرِّجْزِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَفْصٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ بِالرَّفْعِ صِفَةً لِعَذَابٍ اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ أَيْ: جَعَلَهُ عَلَى صِفَةٍ تَتَمَكَّنُونَ بِهَا مِنَ الرُّكُوبِ عَلَيْهِ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ أَيْ: بِإِذْنِهِ وَإِقْدَارِهِ لَكُمْ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ بِالتِّجَارَةِ تَارَةً، وَالْغَوْصِ لِلدُّرِّ، وَالْمُعَالَجَةِ لِلصَّيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أَيْ: لِكَيْ تَشْكُرُوا النِّعَمَ الَّتِي تَحْصُلُ لَكُمْ بِسَبَبِ هَذَا التَّسْخِيرِ لِلْبَحْرِ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ أي: سخّر لعباده جميع مَا خَلَقَهُ فِي سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضِهِ مِمَّا تَتَعَلَّقُ بِهِ مَصَالِحُهُمْ وَتَقُومُ بِهِ مَعَايِشُهُمْ، وَمِمَّا سَخَّرَهُ لهم من مخلوقات السموات الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ النَّيِّرَاتُ وَالْمَطَرُ وَالسَّحَابُ وَالرِّيَاحُ، وَانْتِصَابُ جَمِيعًا عَلَى الْحَالِ مِنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَوْ تَأْكِيدٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ «مِنْهُ» يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ هُوَ صفة لجميعا، أي: كائنة منه، ويجوز أن يتعلّق بسخر، وَيَجُوزَ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ مَا فِي السماوات، أو خبر المبتدأ مَحْذُوفٍ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ رَحْمَةٌ مِنْهُ لِعِبَادِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ الْمَذْكُورِ مِنَ التَّسْخِيرِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَخَصَّ الْمُتَفَكِّرِينَ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا إِلَّا مَنْ تَفَكَّرَ فِيهَا، فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنَ التَّفَكُّرِ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى التَّوْحِيدِ قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا أَيْ: قُلْ لَهُمُ: اغْفِرُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ وَقِيلَ: هُوَ عَلَى حَذْفِ اللَّامِ، وَالتَّقْدِيرُ: قُلْ لَهُمْ لِيَغْفِرُوا. وَالْمَعْنَى: قُلْ لَهُمْ:
يَتَجَاوَزُوا عَنِ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ وَقَائِعَ اللَّهِ بِأَعْدَائِهِ، أَيْ: لَا يَتَوَقَّعُونَهَا، وَمَعْنَى الرَّجَاءِ هُنَا الْخَوْفُ، أي: هُوَ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ. وَالْمَعْنَى: لَا يَرْجُونَ ثَوَابَهُ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي وَقَّتَهَا اللَّهُ لِثَوَابِ المؤمنين، والأوّل أولى. والأيام

[1] إبراهيم: 16.
[2] وعجزه: أدبّ مع الولدان أزحف كالنّسر.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست