responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 6
خَلْقِكُمْ
كَأَنَّهُ قِيلَ: وَإِنَّ فِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٍ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا تَأْكِيدٌ لِآيَاتٍ الْأُولَى. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ بِالرَّفْعِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِنَصْبِهَا مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْجَرِّ فِي «اخْتِلَافِ» ، أَمَّا جَرُّ «اخْتِلَافِ» فهو على تقرير حرف الجرّ، أي: وفي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ آيَاتٌ، فَمَنْ رَفَعَ «آيَاتٌ» فَعَلَى أَنَّهَا مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهَا: «فِي اخْتِلَافِ» ، وَأَمَّا النَّصْبُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ بَعْدَ إِنَّ، تَقُولُ الْعَرَبُ: إِنَّ لِي عَلَيْكَ مَالًا وَعَلَى أَخِيكَ مَالٌ، يَنْصِبُونَ الثَّانِي وَيَرْفَعُونَهُ وَلِلنُّحَاةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَلَامٌ طَوِيلٌ. وَالْبَحْثُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَحُجَجُ الْمُجَوِّزِينَ لَهُ وَجَوَابَاتُ الْمَانِعِينَ لَهُ مُقَرَّرٌ فِي عِلْمِ النَّحْوِ، مَبْسُوطٌ فِي مُطَوَّلَاتِهِ. وَمَعْنَى ما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ مَا يُفَرِّقُهُ وَيَنْشُرُهُ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ تعاقبهما أو تفارقهما فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ، وَقَوْلُهُ: وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ مَعْطُوفٌ عَلَى اخْتِلَافِ، وَالرِّزْقُ: الْمَطَرُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِكُلِّ مَا يَرْزُقُ اللَّهُ الْعِبَادَ بِهِ، وَإِحْيَاءُ الْأَرْضِ: إِخْرَاجُ نَبَاتِهَا، ومَوْتِها خلوّها عن النبات ومعنى تَصْرِيفِ الرِّياحِ أَنَّهَا تَهُبُّ تَارَةً مِنْ جِهَةٍ، وَتَارَةً مِنْ أُخْرَى، وَتَارَةً تَكُونُ حَارَّةً، وَتَارَةً تَكُونُ بَارِدَةً، وَتَارَةً نَافِعَةً، وَتَارَةً ضَارَّةً تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ أَيْ: هَذِهِ الْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ حُجَجُ اللَّهِ وَبَرَاهِينُهُ، وَمَحَلُّ: نَتْلُوهَا عليك بالنصب عَلَى الْحَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ اسْمِ الْإِشَارَةِ، وَآيَاتُ اللَّهِ بَيَانٌ لَهُ أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: بِالْحَقِّ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ نَتْلُو، أَوْ مِنْ مفعوله، أي: محقّين، أو متلبسة بِالْحَقِّ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، فَتَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْفِعْلِ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ أي: بعد حديث الله وبعد الْآيَاتِ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ: أَعْجَبَنِي زَيْدٌ وَكَرَمُهُ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بَعْدَ حَدِيثِ اللَّهِ، وَهُوَ الْقُرْآنُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْآيَاتِ، وَالْعَطْفُ لِمُجَرَّدِ التَّغَايُرِ الْعُنْوَانِيِّ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ «تُؤْمِنُونَ» بِالْفَوْقِيَّةِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِالتَّحْتِيَّةِ. وَالْمَعْنَى: يُؤْمِنُونَ بِأَيِّ حَدِيثٍ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لَهُ صَدْرُ الْكَلَامِ وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ أَيْ: لِكُلِّ كَذَّابٍ كَثِيرِ الْإِثْمِ مُرْتَكِبٍ لِمَا يُوجِبُهُ، وَالْوَيْلُ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ. ثُمَّ وَصَفَ هَذَا الْأَفَّاكَ بِصِفَةٍ أُخْرَى فَقَالَ: يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ وَقِيلَ:
إِنَّ يَسْمَعُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: اسْتِئْنَافٌ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ: تُتْلى عَلَيْهِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ ثُمَّ يُصِرُّ عَلَى كُفْرِهِ وَيُقِيمُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ مُسْتَكْبِراً أَيْ: يَتَمَادَى عَلَى كُفْرِهِ مُتَعَظِّمًا فِي نَفْسِهِ عَنِ الِانْقِيَادِ لِلْحَقِّ، وَالْإِصْرَارُ مَأْخُوذٌ مِنْ إِصْرَارِ الْحِمَارِ عَلَى الْعَانَةِ [1] ، وَهُوَ أَنْ يَنْحَنِيَ عَلَيْهَا صَارًّا أُذُنَيْهِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: إِذَا سَمِعَ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا، وَجُمْلَةُ كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَأَنْ هِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَاسْمُهَا ضَمِيرُ شَأْنٍ مَحْذُوفٌ فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ هَذَا مِنْ بَابِ التَّهَكُّمِ أَيْ: فَبَشِّرْهُ عَلَى إِصْرَارِهِ وَاسْتِكْبَارِهِ وَعَدَمِ اسْتِمَاعِهِ إِلَى الْآيَاتِ بِعَذَابٍ شَدِيدِ الْأَلَمِ وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «عَلِمَ» بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُخَفَّفَةً عَلَى الْبِنَاءِ للفاعل. وقرأ قتادة

[1] «العانة» : الأتان (الحمارة) .
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست