responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 8
يُعَبَّرُ بِهَا عَنِ الْوَقَائِعِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي تفسير قوله: وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ [1] قَالَ مُقَاتِلٌ: لَا يَخْشَوْنَ مِثْلَ عَذَابِ اللَّهِ لِلْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ فَلَا يَخَافُونَ عِقَابَهُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: لَا يَأْمُلُونَ نَصْرَ اللَّهِ لِأَوْلِيَائِهِ وَإِيقَاعَهُ بِأَعْدَائِهِ، وَقِيلَ: لَا يَخَافُونَ الْبَعْثَ. قِيلَ: وَالْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ «لِنَجْزِيَ» بِالنُّونِ أَيْ: لِنَجْزِيَ نَحْنُ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ بِالتَّحْتِيَّةِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، أَيْ: لِيَجْزِيَ اللَّهُ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَعَاصِمٌ بِالتَّحْتِيَّةِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مَعَ نَصْبِ قَوْمًا، فَقِيلَ:
النَّائِبُ عَنِ الْفَاعِلِ مَصْدَرُ الْفِعْلِ، أَيْ: لِيُجْزَى الْجَزَاءُ قَوْمًا، وَقِيلَ: إِنَّ النَّائِبَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ [2] :
وَلَوْ وَلَدَتْ قفيرة [3] جَرْوَ كَلْبٍ ... لَسُبَّ بِذَلِكَ الْجَرْوِ الْكِلَابَا
وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ الْأَخْفَشُ وَالْكُوفِيُّونَ، وَمَنَعَهُ الْبَصْرِيُّونَ، وَالْجُمْلَةُ لِتَعْلِيلِ الْأَمْرِ بِالْمَغْفِرَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَوْمِ الْمُؤْمِنُونَ، أُمِرُوا بِالْمَغْفِرَةِ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَا كَسَبُوا فِي الدُّنْيَا مِنَ الْأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الصَّبْرُ عَلَى أَذِيَّةِ الْكُفَّارِ وَالْإِغْضَاءُ عَنْهُمْ بِكَظْمِ الْغَيْظِ وَاحْتِمَالُ الْمَكْرُوهِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: لِيَجْزِيَ الْكُفَّارَ بِمَا عَمِلُوا مِنَ السَّيِّئَاتِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا تُكَافِئُوهُمْ أَنْتُمْ لِنُكَافِئَهُمْ نَحْنُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَعْمَالَهُمْ وَالْمُشْرِكِينَ وَأَعْمَالَهُمْ فَقَالَ: مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَالْمَعْنَى: أَنَّ عَمَلَ كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ إِحْسَانٍ أَوْ إِسَاءَةٍ لِعَامِلِهِ لَا يَتَجَاوَزُهُ إِلَى غَيْرِهِ وَفِيهِ تَرْغِيبٌ وَتَهْدِيدٌ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ فَيُجَازِي كُلًّا بِعَمَلِهِ إِنْ كَانَ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَشَرٌّ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْفِرْيَابِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ، مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: جَمِيعاً مِنْهُ قَالَ: مِنْهُ النُّورُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي الْآيَةِ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ هُوَ مِنَ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، عَنِ طَاوُسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَسَأَلَهُ: مِمَّ خُلِقَ الْخَلْقُ؟
قَالَ: مِنَ الْمَاءِ وَالنُّورِ وَالظُّلْمَةِ وَالْهَوَاءِ وَالتُّرَابِ، قَالَ: فَمِمَّ خُلِقَ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. ثُمَّ أَتَى الرجل عبد الله ابن الزُّبَيْرِ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ: مِمَّ خُلِقَ الْخَلْقُ؟ فَقَالَ: مِنَ الْمَاءِ وَالنُّورِ وَالظُّلْمَةِ وَالرِّيحِ وَالتُّرَابِ، قَالَ: فَمِمَّ خُلِقَ هَؤُلَاءِ؟ فَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا كَانَ لِيَأْتِيَ بِهَذَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ أهل بيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا الْآيَةَ قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرِضُ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا آذَوْهُ، وَكَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَيُكَذِّبُونَهُ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُقَاتِلَ المشركين كافة، فكان هذا من المنسوخ.

[1] إبراهيم: 5.
[2] هو جرير.
[3] «قفيرة» : أم الفرزدق.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 8
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست