responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 571
عَلَى الْفُلْكِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَعِنْدَ نُزُولِهِ مِنْهَا: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ فِي ذلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِمَّا قَصَّهُ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَالْآيَاتُ: الدَّلَالَاتُ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ، سُبْحَانَهُ، وَالْعَلَامَاتُ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى عَظِيمِ شَأْنِهِ. وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ أَيْ: لَمُخْتَبِرِينَ لَهُمْ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ إليهم، ليظهر المطيع والعاصي للناس أو للملائكة. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: إِنَّهُ يُعَامِلُهُمْ سُبْحَانَهُ مُعَامَلَةَ الْمُخْتَبِرِ لِأَحْوَالِهِمْ، تَارَةً بِالْإِرْسَالِ، وَتَارَةً بِالْعَذَابِ. ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ أَيْ: مِنْ بَعْدِ إِهْلَاكِهِمْ. قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَنْشَأَهُمُ اللَّهُ بَعْدَهُمْ هُمْ عَادٌ قَوْمُ هُودٍ، لِمَجِيءِ قِصَّتِهِمْ عَلَى إِثْرِ قِصَّةِ نُوحٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَلِقَوْلِهِ فِي الْأَعْرَافِ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ [1] وَقِيلَ: هُمْ ثَمُودُ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ أُهْلِكُوا بِالصَّيْحَةِ. وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ وَقِيلَ: هُمْ أَصْحَابُ مَدْيَنَ قَوْمُ شُعَيْبٍ لِأَنَّهُمْ مِمَّنْ أُهْلِكَ بِالصَّيْحَةِ فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولًا عُدِّيَ فِعْلُ الْإِرْسَالِ بِفِي مَعَ أَنَّهُ يَتَعَدَّى بِإِلَى لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا الرَّسُولَ الْمُرْسَلَ إِلَيْهِمْ نَشَأَ فِيهِمْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، يَعْرِفُونَ مَكَانَهُ وَمَوْلِدَهُ، لِيَكُونَ سُكُونُهُمْ إِلَى قَوْلِهِ أَكْثَرَ مِنْ سُكُونِهِمْ إِلَى مَنْ يَأْتِيهِمْ مِنْ غَيْرِ مَكَانِهِمْ. وَقِيلَ: وَجْهُ التَّعْدِيَةِ لِلْفِعْلِ الْمَذْكُورِ بِفِي أَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْقَوْلِ، أَيْ: قُلْنَا لَهُمْ عَلَى لِسَانِ الرَّسُولِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَلِهَذَا جِيءَ بِأَنْ الْمُفَسِّرَةِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ تَضْمِينَ أَرْسَلْنَا مَعْنَى قُلْنَا لَا يَسْتَلْزِمُ تَعْدِيَتَهُ بِفِي، وَجُمْلَةُ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِالْعِبَادَةِ أَفَلا تَتَّقُونَ عَذَابَهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ شِرْكِكُمْ وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ أَيْ: أَشْرَافُهُمْ وَقَادَتُهُمْ. ثُمَّ وَصَفَ الْمَلَأَ بِالْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ فَقَالَ: الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ أَيْ: كَذَّبُوا بِمَا فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْحِسَابِ وَالْعِقَابِ، أَوْ كَذَّبُوا بِالْبَعْثِ وَأَتْرَفْناهُمْ أَيْ: وَسَّعْنَا لَهُمْ نِعَمَ الدُّنْيَا فَبَطَرُوا بِسَبَبِ مَا صَارُوا فِيهِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا مِنْ كَثْرَةِ الْأَمْوَالِ وَرَفَاهَةِ الْعَيْشِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَيْ: قَالَ الْمَلَأُ لِقَوْمِهِمْ هَذَا الْقَوْلَ، وَصَفُوهُ بِمُسَاوَاتِهِمْ فِي الْبَشَرِيَّةِ، وَفِي الْأَكْلِ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَالشُّرْبِ مِمَّا تَشْرَبُونَ مِنْهُ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا فَضْلَ لَهُ عَلَيْهِمْ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّ مَعْنَى وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ عَلَى حَذْفِ مِنْهُ، أَيْ: مِمَّا تَشْرَبُونَ مِنْهُ. وَقِيلَ: إِنَّ «مَا» مَصْدَرِيَّةٌ، فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى عَائِدٍ. وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ فِيمَا ذُكِرَ مِنَ الْأَوْصَافِ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ أَيْ: مَغْبُونُونَ بِتَرْكِكُمْ آلِهَتَكُمْ وَاتِّبَاعِكُمْ إِيَّاهُ مِنْ غَيْرِ فَضِيلَةٍ لَهُ عَلَيْكُمْ، وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ لِلْإِنْكَارِ، وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ تَقْبِيحِ اتِّبَاعِهِمْ لَهُ. قُرِئَ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَنْ «مِتُّمْ» ، مِنْ مَاتَ يَمَاتُ، كَخَافَ يَخَافُ. وَقُرِئَ بِضَمِّهَا مِنْ مَاتَ يَمُوتُ، كَقَالَ يَقُولُ. وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَيْ: كَانَ بَعْضُ أَجْزَائِكُمْ تُرَابًا، وَبَعْضُهَا عِظَامًا نَخِرَةً لَا لحم فيها ولا أعصاب عليها، وقيل: وَتَقْدِيمُ التُّرَابِ لِكَوْنِهِ أَبْعَدَ فِي عُقُولِهِمْ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: كَانَ مُتَقَدِّمُوكُمْ تُرَابًا، وَمُتَأَخِّرُوكُمْ عِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ أَيْ: مِنْ قُبُورِكُمْ أَحْيَاءً كَمَا كُنْتُمْ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: «أَنَّ» الْأُولَى فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بوقوع «أيعدكم» عليها، و «أن» الثَّانِيَةَ بَدَلٌ مِنْهَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالْجَرْمِيُّ وَالْمُبَرِّدُ: إِنَّ «أَنَّ» الثَّانِيَةَ مُكَرَّرَةٌ لِلتَّوْكِيدِ، وَحَسُنَ تَكْرِيرُهَا لِطُولِ الْكَلَامِ، وَبِمِثْلِهِ قَالَ الزَّجَّاجُ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: «أن» الثانية

[1] الأعراف: 69.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 571
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست