responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 572
فِي مَحَلِّ رَفْعٍ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، أَيْ: يَحْدُثُ إِخْرَاجُكُمْ كَمَا تَقُولُ: الْيَوْمَ الْقِتَالُ، فَالْمَعْنَى: الْيَوْمَ يَحْدُثُ الْقِتَالُ هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ أَيْ: بَعْدِ مَا تُوعَدُونَ، أَوْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ، وَالتَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيُّ: وَفِي هَيْهَاتَ عَشْرُ لُغَاتٍ ثُمَّ سَرَدَهَا، وَهِيَ مُبَيَّنَةٌ فِي عِلْمِ النَّحْوِ. وَقَدْ قُرِئَ بِبَعْضِهَا، وَاللَّامُ فِي «لِمَا تُوعَدُونَ» لِبَيَانِ الْمُسْتَبْعَدِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: هَيْتَ لَكَ [1] ، كَأَنَّهُ قِيلَ: لِمَاذَا هَذَا الِاسْتِبْعَادُ؟ فَقِيلَ: لِمَا تُوعَدُونَ. وَالْمَعْنَى: بَعْدَ إِخْرَاجِكُمْ لِلْوَعْدِ الَّذِي تُوعَدُونَ، هَذَا عَلَى أَنَّ هَيْهَاتَ اسْمُ فِعْلٍ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ:
هُوَ فِي تَقْدِيرِ الْمَصْدَرِ، أَيِ: الْبُعْدُ لِمَا تُوعَدُونَ، أَوْ بُعْدٌ لِمَا تُوعَدُونَ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ نَوَّنَ فَتَكُونُ عَلَى هَذَا مُبْتَدَأً خَبَرُهُ لِمَا تُوعَدُونَ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ إِتْرَافَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَالُوا: إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا أَيْ: مَا الْحَيَاةُ إِلَّا حَيَاتَنَا الدُّنْيَا، لَا الْحَيَاةَ الْآخِرَةَ الَّتِي تَعِدُنَا بِهَا، وَجُمْلَةُ نَمُوتُ وَنَحْيا مُفَسِّرَةٌ لِمَا ادَّعُوهُ مِنْ قَصْرِهِمْ حَيَاتَهُمْ عَلَى حَيَاةِ الدُّنْيَا. ثُمَّ صَرَّحُوا بِنَفْيِ الْبَعْثِ، وَأَنَّ الْوَعْدَ بِهِ مِنْهُ افْتِرَاءٌ على الله فقالوا: ما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً
أَيْ: مَا هُوَ فِيمَا يَدَّعِيهِ إِلَّا مُفْتَرٍ لِلْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ أَيْ: بِمُصَدِّقِينَ لَهُ فِيمَا يَقُولُهُ: قالَ رَبِّ انْصُرْنِي أَيْ: قَالَ نَبِيُّهُمْ لَمَّا عَلِمَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصَدِّقُونَهُ أَلْبَتَّةَ: رَبِّ انْصُرْنِي عَلَيْهِمْ وَانْتَقِمْ لِي مِنْهُمْ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّايَ قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ أَيْ: قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُجِيبًا لِدُعَائِهِ وَاعِدًا لَهُ بِالْقَبُولِ لِمَا دَعَا بِهِ: عَمَّا قَلِيلٍ مِنَ الزَّمَانِ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُمْ مَنِ التَّكْذِيبِ وَالْعِنَادِ وَالْإِصْرَارِ عَلَى الْكُفْرِ، وَمَا فِي «عَمَّا قَلِيلٍ» مَزِيدَةٌ بَيْنَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ لِلتَّوْكِيدِ لِقِلَّةِ الزَّمَانِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ [2] ، ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهَا أَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ وَحَاقَ بِهِمْ عَذَابُهُ وَنَزَلَ عَلَيْهِمْ سَخَطُهُ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: صَاحَ بِهِمْ جِبْرِيلُ صَيْحَةً وَاحِدَةً مَعَ الرِّيحِ الَّتِي أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِهَا فَمَاتُوا جَمِيعًا.
وَقِيلَ: الصَّيْحَةُ هِيَ نَفْسُ الْعَذَابِ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
صَاحَ الزَّمَانُ بِآلِ بَرْمَكَ صَيْحَةً ... خَرُّوا لِشِدَّتِهَا عَلَى الْأَذْقَانِ
وَالْبَاءُ فِي بِالْحَقِّ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَخْذِ، ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَمَّا صَارُوا إِلَيْهِ بَعْدَ الْعَذَابِ النَّازِلِ بِهِمْ، فَقَالَ:
فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً أَيْ: كَغُثَاءِ السَّيْلِ الَّذِي يَحْمِلُهُ. وَالْغُثَاءُ: مَا يَحْمِلُ السَّيْلُ مِنْ بَالِي الشَّجَرِ وَالْحَشِيشِ وَالْقَصَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْمِلُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَاءِ. وَالْمَعْنَى: صَيَّرَهُمْ هَلْكَى فَيَبِسُوا كَمَا يَبِسَ الْغُثَاءُ فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ انْتِصَابُ «بُعْدًا» عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، وَهُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي لَا يُذْكَرُ فِعْلُهَا مَعَهَا، أَيْ: بَعُدُوا بُعْدًا، وَاللَّامُ لِبَيَانِ مَنْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَاسْلُكْ فِيها يَقُولُ: اجْعَلْ مَعَكَ فِي السَّفِينَةِ مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً قَالَ لِنُوحٍ حِينَ أُنْزِلَ مِنَ السَّفِينَةِ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: يُعَلِّمُكُمْ سُبْحَانَهُ كَيْفَ تَقُولُونَ إِذَا رَكِبْتُمْ، وَكَيْفَ تَقُولُونَ إذا نزلتم. أما عند الركوب:

[1] يوسف: 23.
[2] آل عمران: 159.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 572
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست