responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 147
قَالُوا: وَأَمَّا الذَّمُّ فَإِنَّمَا وَقَعَ عَلَى مَنْ يَتَّبِعُ الْمُتَشَابِهَ لِابْتِغَاءِ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءِ تَأْوِيلِهِ، وَهُوَ حَالُ أَهْلِ الْقَصْدِ الْفَاسِدِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْقَدْحَ فِي الْقُرْآنِ، فَلَا يَطْلُبُونَ إِلَّا الْمُتَشَابِهَ لِإِفْسَادِ الْقُلُوبِ وَهِيَ فِتْنَتُهَا بِهِ وَيَطْلُبُونَ تَأْوِيلَهُ، وَلَيْسَ طَلَبُهُمْ لِتَأْوِيلِهِ لِأَجْلِ الْعِلْمِ وَالِاهْتِدَاءِ بَلْ لِإِجْلِ الْفِتْنَةِ، وَكَذَلِكَ صَبِيغُ بْنُ عِسْلٍ ضَرَبَهُ عُمَرُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ بِالسُّؤَالِ عَنِ الْمُتَشَابِهِ كَانَ لِابْتِغَاءِ الْفِتْنَةِ. وَهَذَا كَمَنْ يُورِدُ أَسْئِلَةَ إِشْكَالَاتٍ عَلَى كَلَامِ الْغَيْرِ وَيَقُولُ: مَاذَا أُرِيدَ بِكَذَا؟ وَغَرَضُهُ التَّشْكِيكُ وَالطَّعْنُ فِيهِ، لَيْسَ غَرَضُهُ مَعْرِفَةَ الْحَقِّ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ عَنَاهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ وَلِهَذَا يَتَّبِعُونَ أَيْ يَطْلُبُونَ الْمُتَشَابِهَ وَيَقْصِدُونَهُ دُونَ الْمُحْكَمِ مِثْلُ الْمُسْتَتْبِعِ لِلشَّيْءِ الَّذِي يَتَحَرَّاهُ وَيَقْصِدُهُ وَهَذَا فِعْلُ مَنْ قَصْدُهُ الْفِتْنَةُ، وَأَمَّا مَنْ سَأَلَ عَنْ مَعْنَى الْمُتَشَابِهِ لِيَعْرِفَهُ وَيُزِيلَ مَا عَرَضَ لَهُ مِنَ الشُّبْهَةِ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْمُحْكَمِ مُتَّبِعٌ لَهُ مُؤْمِنٌ بِالْمُتَشَابِهِ لَا يَقْصِدُ فِتْنَةً، فَهَذَا لَمْ يَذُمَّهُ اللهُ. وَهَكَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - يَقُولُونَ مِثْلَ الْأَثَرِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُوزَجَانِيُّ: حَدَّثْنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ ثَنَا بَقِيَّةُ ثَنَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ
ثَنِي عِمَارَةُ بْنُ رَاشِدٍ الْكِنَائِيُّ عَنْ زِيَادٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: " يَقْرَأُ الْقُرْآنَ رَجُلَانِ فَرَجُلٌ لَهُ فِيهِ هَوًى وَنِيَّةٌ يُفَلِّيهِ فَلْيَ الرَّأْسِ يَلْتَمِسُ أَنْ يَجِدَ فِيهِ أَمْرًا يَخْرُجُ بِهِ عَلَى النَّاسِ، أُولَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِهِمْ، أُولَئِكَ يُعْمِي اللهُ عَلَيْهِمْ سُبُلَ الْهُدَى، وَرَجُلٌ يَقْرَؤُهُ لَيْسَ لَهُ فِيهِ هَوًى وَلَا نِيَّةٌ يُفَلِّيهِ فَلْيَ الرَّأْسِ، فَمَا تَبَيَّنَ لَهُ مِنْهُ عَمِلَ بِهِ وَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ وَكَلَهُ إِلَى اللهِ، لَيَتَفَقَّهَنَّ أُولَئِكَ فِقْهًا مَا فَقِهَهُ قَوْمٌ قَطُّ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ مَكَثَ عِشْرِينَ سَنَةً فَلَيَبْعَثَنَّ اللهُ لَهُ مَنْ يُبَيِّنُ لَهُ الْآيَةَ الَّتِي أَشْكَلَتْ عَلَيْهِ أَوْ يُفْهِمَهُ إِيَّاهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ " قَالَ بَقِيَّةُ: اسْتَهْدَى ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدِيثَ عُتْبَةَ هَذَا، فَهَذَا مُعَاذٌ يَذُمُّ مَنِ اتَّبَعَ الْمُتَشَابِهَ لِقَصْدِ الْفِتْنَةِ، وَأَمَّا مَنْ قَصْدُهُ الْفِقْهُ فَقَدْ أُخْبِرَ أَنَّ اللهَ لَا بُدَّ أَنْ يُفَقِّهَهُ الْمُتَشَابِهَ فِقْهًا مَا فَقِهَهُ قَوْمٌ قَطُّ.
" قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا إِذَا عَرَضَ لِأَحَدِهِمْ شُبْهَةٌ فِي آيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا سَأَلَ عُمَرُ فَقَالَ: " أَلَمْ تَكُنْ تُحَدِّثُنَا أَنَّا نَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ " وَسَأَلَهُ أَيْضًا عُمَرُ: " مَا بَالُنَا نَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَقَدْ أَمِنَّا؟ " وَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [6: 82] شَقَّ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ حَتَّى بَيَّنَ لَهُمْ، وَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ [2: 284] شَقَّ عَلَيْهِمْ حَتَّى بَيَّنَ لَهُمُ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ، وَلَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ قَالَتْ عَائِشَةُ: " أَلَمْ يَقُلِ اللهُ: فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا؟ " قَالَ: إِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرْضُ قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ إِجْمَاعُ السَّلَفِ، فَإِنَّهُمْ فَسَّرُوا جَمِيعَ الْقُرْآنِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " عَرَضْتُ الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ أَقِفُهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ وَأَسْأَلُهُ عِنْدَهَا " وَتَلَقَّوْا ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا الَّذِينَ كَانُوا يُقْرِئُونَنَا الْقُرْآنَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست