responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 146
يَمِيلُ إِلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. وَكَانَ مُعَاصِرًا لِإِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ، وَكَانَ أَهْلُ الْمَغْرِبِ يُعَظِّمُونَهُ وَيَقُولُونَ: مَنِ اسْتَجَازَ الْوَقِيعَةَ فِي ابْنِ قُتَيْبَةَ يُتَّهَمُ بِالزَّنْدَقَةِ، وَيَقُولُونَ. كُلُّ بَيْتٍ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ تَصْنِيفِهِ لَا خَيْرَ فِيهِ. قُلْتُ: وَيُقَالُ هُوَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ مِثْلُ الْجَاحِظِ لِلْمُعْتَزِلَةِ، فَإِنَّهُ خَطِيبُ السُّنَّةِ، كَمَا أَنَّ الْجَاحِظَ خَطِيبُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا الْقَوْلُ الْآخَرُ، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَطَائِفَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَؤُلَاءِ عَلَى قَوْلِهِمْ نَصًّا عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَارَتْ مَسْأَلَةَ نِزَاعٍ، فَتُرَدُّ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ. وَأُولَئِكَ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ قَرَنَ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ بِابْتِغَاءِ تَأْوِيلِهِ، وَبِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَمَّ مُبْتَغِيَ الْمُتَشَابِهِ وَقَالَ: إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَاحْذَرُوهُمْ وَلِهَذَا ضَرَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - صَبِيغَ بْنَ عِسْلٍ لَمَّا سَأَلَهُ عَنِ الْمُتَشَابِهِ، وَلِأَنَّهُ قَالَ: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ وَلَوْ كَانَتِ الْوَاوُ وَاوَ عَطْفٍ مُفْرَدٍ لَا وَاوَ الِاسْتِئْنَافِ الَّتِي تَعْطِفُ جُمْلَةً لَقَالَ: وَيَقُولُونَ.
فَأَجَابَ الْآخَرُونَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ اللهَ قَالَ: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا [59: 8] ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ [59: 9] ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ [59: 10] قَالُوا: فَهَذَا عَطْفٌ مُفْرَدٍ عَلَى مُفْرَدٍ وَالْفِعْلُ حَالٌ مِنَ الْمَعْطُوفِ فَقَطْ. وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا.
" قَالُوا: وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ الْوَصْفِ بِالْإِيمَانِ لَمْ يَخُصَّ الرَّاسِخِينَ، بَلْ قَالَ: وَالْمُؤْمِنُونَ يَقُولُونَ: آمَنَّا بِهِ، فَإِنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ، فَلَمَّا خَصَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ بِالذِّكْرِ عُلِمَ أَنَّهُمُ امْتَازُوا بِعِلْمِ تَأْوِيلِهِ فَعَلِمُوهُ؛ لِأَنَّهُمْ عَالِمُونَ، وَآمَنُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ.
وَكَانَ إِيمَانُهُمْ بِهِ مَعَ الْعِلْمِ أَكْمَلَ فِي الْوَصْفِ، وَقَدْ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ: وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هُنَا تَذَكُّرًا يَخْتَصُّ بِهِ أُولُو الْأَلْبَابِ فَإِنْ كَانَ مَا ثَمَّ إِلَّا إِيمَانٌ بِالْأَلْفَاظِ فَلَا يَذَّكَّرُ لِمَا يَدُلُّهُمْ عَلَى مَا أُرِيدَ بِالْمُتَشَابِهِ وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ فَلَمَّا وَصَفُوهُمْ بِالرُّسُوخِ فِي الْعِلْمِ وَأَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ قَرَنَ بِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَوْ أُرِيدَ هُنَا مُجَرَّدُ الْإِيمَانِ لَقَالَ: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ وَالْمُؤْمِنُونَ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ، كَمَا قَالَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ لَمَّا كَانَ مُرَادُهُ مُجَرَّدَ الِاخْتِبَارِ بِالْإِيمَانِ جَمَعَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ.
"

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست