responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 148
عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزُوهَا حَتَّى يَتَعَلَّمُوا مَا فِيهَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ. قَالُوا: فَتَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا. وَكَلَامُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ إِلَّا مَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى بَعْضِهِمْ فَيَقِفُ فِيهِ لَا لِأَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُهُ. لَكِنْ لِأَنَّهُ هُوَ لَمْ يَعْلَمْهُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ اللهَ قَدْ أَمَرَ بِتَدَبُّرِ الْقُرْآنِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا لَا يُتَدَبَّرُ، وَلَا قَالَ: لَا تَدَبَّرُوا الْمُتَشَابِهَ. وَالتَّدَبُّرُ
بِدُونِ الْفَهْمِ مُمْتَنِعٌ، وَلَوْ كَانَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا لَا يُتَدَبَّرُ لَمْ يُعْرَفْ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يُمَيِّزِ الْمُتَشَابِهَ بِحَدٍّ ظَاهِرٍ حَتَّى يُجْتَنَبَ تَدَبُّرُهُ، وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يَحْتَجُّونَ بِهِ وَيَقُولُونَ: الْمُتَشَابِهُ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ إِضَافِيٌّ، فَقَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى هَذَا مَا لَا يَشْتَبِهُ عَلَى غَيْرِهِ، قَالَ: لِأَنَّ اللهَ أَخْبَرَ أَنَّ الْقُرْآنَ بَيَانٌ وَهُدًى وَشِفَاءٌ وَنُورٌ، لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا عَنْ هَذَا الْوَصْفِ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ بِدُونِ فَهْمِ الْمَعْنَى.
" قَالُوا: وَلِأَنَّ مِنَ الْعَظِيمِ أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ كَلَامًا لَمْ يَكُنْ يَفْهَمُ مَعْنَاهُ لَا هُوَ وَلَا جِبْرِيلُ، بَلْ وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ وَالْمَعَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ نَظِيرُ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ عِنْدَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ مَعْنَى مَا يَقُولُهُ. وَهَذَا لَا يُظَنُّ بِأَقَلِّ النَّاسِ، وَأَيْضًا فَالْكَلَامُ إِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِهِ الْإِفْهَامُ، فَإِذَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ ذَلِكَ كَانَ عَبَثًا وَبَاطِلًا وَاللهُ - تَعَالَى - قَدْ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ فِعْلِ الْبَاطِلِ وَالْعَبَثِ، فَكَيْفَ يَقُولُ الْبَاطِلَ وَالْعَبَثَ وَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ نَزَّلَهُ عَلَى خَلْقِهِ لَا يُرِيدُ بِهِ إِفْهَامَهُمْ؟ وَهَذَا مِنْ أَقْوَى حُجَجِ الْمُلْحِدِينَ، وَأَيْضًا فَمَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ إِلَّا وَقَدْ تَكَلَّمَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ فِي مَعْنَاهَا وَبَيَّنُوا ذَلِكَ، وَإِذَا قِيلَ: فَقَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي آيَاتِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِمَّا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ مَعْنَاهَا، وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ تَفْسِيرَ الْمُتَشَابِهِ، فَإِنَّ الْمُتَشَابِهَ قَدْ يَكُونُ فِي آيَاتِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ كَمَا يَكُونُ فِي آيَاتِ الْخَيْرِ، وَتِلْكَ مِمَّا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَعْرِفَةِ الرَّاسِخِينَ لِمَعْنَاهَا فَكَذَلِكَ الْأُخْرَى، فَإِنَّهُ عَلَى قَوْلِ النُّفَاةِ لَمْ يَعْلَمْ مَعْنًى لِلْمُتَشَابِهِ إِلَّا اللهُ لَا مَلَكٌ وَلَا رَسُولٌ وَلَا عَالِمٌ، وَهَذَا خِلَافُ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فِي مُتَشَابِهِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ.
" وَأَيْضًا فَلَفْظُ التَّأْوِيلِ يَكُونُ لِلْمُحْكَمِ كَمَا يَكُونُ لِلْمُتَشَابِهِ كَمَا دَلَّ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَأَقْوَالُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ مَعْنَى الْمُحْكَمِ، فَكَذَلِكَ مَعْنَى الْمُتَشَابِهِ، وَأَيُّ فَضِيلَةٍ فِي الْمُتَشَابِهِ حَتَّى يَنْفَرِدَ اللهُ بِعِلْمِ مَعْنَاهُ وَالْمُحْكَمُ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَقَدْ بَيَّنَ مَعْنَاهُ لِعِبَادِهِ، فَأَيُّ فَضِيلَةٍ فِي الْمُتَشَابِهِ حَتَّى يَسْتَأْثِرَ اللهُ بِعِلْمِ مَعْنَاهُ؟ وَمَا اسْتَأْثَرَ اللهُ بِعِلْمِهِ كَوَقْتِ السَّاعَةِ لَمْ يَنْزِلْ خِطَابًا وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْقُرْآنِ آيَةً تَدُلُّ عَلَى وَقْتِ السَّاعَةِ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ اللهَ اسْتَأْثَرَ بِأَشْيَاءَ لَمْ يُطْلِعْ عِبَادَهُ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي كَلَامٍ أَنْزَلَهُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ هُدًى وَبَيَانٌ وَشِفَاءٌ، وَأَمَرَ بِتَدَبُّرِهِ، ثُمَّ يُقَالُ: إِنَّ مِنْهُ مَا لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ إِلَّا اللهُ، وَلَمْ
يُبَيِّنِ اللهُ وَلَا رَسُولُهُ ذَلِكَ الْقَدْرَ الَّذِي لَا يَعْرِفُ أَحَدٌ مَعْنَاهُ؟ وَلِهَذَا صَارَ كُلُّ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ آيَاتٍ لَا يُؤْمِنُ بِمَعْنَاهَا يَجْعَلُهَا مِنَ الْمُتَشَابِهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست