responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 39
أَوْ بِعَدَمِ اسْتِعْمَالِهَا فِيمَا خُلِقَتْ لِأَجْلِهِ أَوْ بِعَدَمِ مُلَاحَظَةِ أَنَّهَا مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ تَعَالَى، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الشَّقَاءِ وَالْبَلَاءِ. وَأَمَّا تَرْكُنَا شُكْرَ النَّاسِ وَتَقْدِيرَ أَعْمَالِهِمْ قَدْرَهَا سَوَاءٌ كَانَ عَمَلُهُمُ النَّافِعُ مُوَجَّهًا إِلَيْنَا أَوْ إِلَى غَيْرِنَا مِنَ الْخَلْقِ، فَهُوَ جِنَايَةٌ مِنَّا عَلَى النَّاسِ وَعَلَى أَنْفُسِنَا ; لِأَنَّ صَانِعَ الْمَعْرُوفِ إِذَا لَمْ يَلْقَ إِلَّا الْكُفْرَانَ فَإِنَّ النَّاسَ يَتْرُكُونَ عَمَلَ الْمَعْرُوفِ فِي الْغَالِبِ، فَنُحْرَمُ مِنْهُ وَنَقَعُ مَعَ الْأَكْثَرِينَ فِي ضِدِّهِ فَنَكُونُ مِنَ الْخَاسِرِينَ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ((فِي الْغَالِبِ)) لِأَنَّ فِي النَّاسِ مَنْ يَصْنَعُ الْمَعْرُوفَ وَيَسْعَى فِي الْخَيْرِ رَغْبَةً فِي الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ وَطَلَبًا لِلْكَمَالِ، وَلَكِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ النُّفُوسِ الْكَبِيرَةِ وَالْأَخْلَاقِ الْعَالِيَةِ الَّتِي لَا يَنْظُرُ ذَوُوهَا إِلَى مُقَابَلَةِ النَّاسِ لِأَعْمَالِهِمْ بِالشُّكْرِ، وَلَا يَصُدُّهُمْ عَنِ الصَّنِيعَةِ جَهْلُ النَّاسِ بِقِيمَةِ صَنِيعَتِهِمْ، قَلَّمَا تَلِدُ الْقُرُونُ وَاحِدًا مِنْهُمْ، ثُمَّ إِنَّ كُفْرَانَ النِّعَمِ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي نَفْسِ مَنْ عَسَاهُ يُوجَدُ مِنْهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَثَرُهُ تَرْكَ السَّعْيِ وَالْعَمَلِ، كَانَ الْفُتُورَ وَالْوَنْيَ فِيهِ، وَإِذَا لَمْ يَدَعِ الْمَعْرُوفَ فَاعِلُهُ لِكُفْرَانِ النَّاسِ لِسَعْيِهِ تَرَكَهُ لِلْيَأْسِ مِنْ فَائِدَتِهِ، أَوْ لِلْحَذَرِ مِنْ سُوءِ مَغَبَّتِهِ ; إِذِ الْحَاسِدُونَ مِنَ الْأَشْرَارِ يَسْعَوْنَ دَائِمًا فِي إِيذَاءِ الْأَخْيَارِ، كَذَلِكَ الشُّكْرُ يُؤَثِّرُ فِي إِنْهَاضِ هِمَّةِ أَعْلِيَاءِ الْهِمَّةِ مِنَ الْمُخْلِصِينَ فِي أَعْمَالِهِمُ الَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عَلَيْهَا جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ; ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ عَمَلَهُمُ الْخَيْرَ نَافِعًا فَيَزِيدُونَ مِنْهُ، كَمَا أَنَّهُمْ إِذَا رَأَوْهُ ضَائِعًا يَكُفُّونَ عَنْهُ.
(قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ) بَعْدَ بَيَانِ حُسْنِ أَثَرِ الشُّكْرِ فِي الْمُخْلِصِينَ: وَيَرْوُونَ فِي هَذَا حَدِيثًا ارْتَقَى بِهِ بَعْضُهُمْ إِلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ وَهُوَ ((عَجِبْتُ لِمُحَمَّدٍ كَيْفَ يَسْمَنُ مِنْ أُذُنَيْهِ)) أَيْ كَانَ إِذَا ذُكِرَتْ أَعْمَالُهُ الشَّرِيفَةُ وَسَعْيُهُ فِي الْخَيْرِ الْمُطْلَقِ يُسَرُّ وَيَسْمَنُ، هَذَا وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْلَصُ الْمُخْلِصِينَ الْفَانِي فِي اللهِ تَعَالَى لَا يَبْتَغِي بِعَمَلِهِ غَيْرَ مَرْضَاتِهِ، فَكَيْفَ لَا يَكُونُ غَيْرُهُ أَجْدَرَ بِذَلِكَ مِمَّنْ إِذَا سَلِمَ مِنَ الِانْبِعَاثِ إِلَى الْخَيْرِ بِبَاعِثِ الشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ فَلَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْ حُبِّ الثَّنَاءِ لِذَاتِهِ فَضْلًا عَنْ مَقْتِ الْكُفْرَانِ وَالْكَنُودِ
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ)

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست