responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 40
كَانَ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَكْتُمُونَ بَعْضَ مَا فِي كُتُبِهِمْ بِعَدَمِ ذِكْرِ نُصُوصِهِ لِلنَّاسِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ أَوِ السُّؤَالِ عَنْهُ كَالْبِشَارَاتِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصِفَاتِهِ وَكَحُكْمِ رَجْمِ الزَّانِي الَّذِي وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ، وَيَكْتُمُونَ بَعْضَهُ بِتَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ بِالتَّرْجَمَةِ أَوِ النُّطْقِ أَوْ حَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ مَعَانِيهِ بِالتَّأْوِيلِ اتِّبَاعًا لِأَهْوَائِهِمْ (كَمَا فَعَلُوا بِلَفْظِ الْفَارِقْلِيطَ) فَفَضَحَهُمُ اللهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي سَجَّلَتْ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَمْثَالِهِمُ اللَّعْنَةَ الْعَامَّةَ الدَّائِمَةَ، قَالَ:
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ)
(قَالَ شَيْخُنَا) : هَذِهِ الْآيَةُ عَوْدٌ إِلَى أَصْلِ السِّيَاقِ وَهُوَ مُعَادَاةُ النَّبِيِّ وَمُعَانَدَتُهُ مِنَ الْكُفَّارِ عَامَّةً وَمِنَ الْيَهُودِ خَاصَّةً، وَالْكَلَامُ فِي الْقِبْلَةِ إِنَّمَا كَانَ فِي مَعْرِضِ جُحُودِهِمْ وَعَدَائِهِمْ أَيْضًا، وَجَاءَ فِيهِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ يَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَاكَ وَعِيدَ هَؤُلَاءِ الْكَاتِمِينَ ; لِأَنَّ ذِكْرَ الْكِتْمَانِ وَرَدَ مَوْرِدَ الِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ، وَتَسْلِيَةً لِلنَّبِيِّ وَالْمُؤْمِنِينَ عَلَى إِيذَائِهِمْ، ثُمَّ عَادَ هُنَا فَذَكَرَهُ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إِنْكَارِهِمْ أَخْبَارَ أَنْبِيَائِهِمْ عَنْهُ وَبِشَارَتِهِمْ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعْلِهِمْ ذَلِكَ حُجَّةً سَلْبِيَّةً عَلَى إِنْكَارِ نُبُوَّتِهِ ; إِذْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ يُبَشِّرُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَلَمْ يُبَشِّرُوا بِأَنْ سَيُبْعَثَ نَبِيٌّ مِنَ الْعَرَبِ أَبْنَاءِ إِسْمَاعِيلَ، وَلَمْ يَجِئْ بَيَانٌ فِي كُتُبِهِمْ عَنْ دِينِهِ وَكِتَابِهِ. فَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: إِنَّهُمْ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ فِي شَأْنِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَهُ لَهُمْ فِي الْكِتَابِ، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ يَشْمَلُ جَمِيعَ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَهُمْ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي صِفَةِ هَذَا الْكِتْمَانِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَحْذِفُونَ أَوْصَافَهُ وَالْبِشَارَاتِ فِيهِ مِنْ كُتُبِهِمْ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْقُولٍ ; إِذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَوَاطَأَ أَهْلُ الْكِتَابِ عَلَى ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ وَلَوْ فَعَلَهُ الَّذِينَ كَانُوا فِي بِلَادِ الْعَرَبِ لَظَهْرَ اخْتِلَافُ كُتُبِهُمْ مَعَ كُتُبِ إِخْوَانِهِمْ فِي الشَّامِ وَأُورُبَّا مَثَلًا، وَيَذْهَبُ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الْإِنْكَارَ كَانَ بِالتَّحْرِيفِ وَالتَّأْوِيلِ وَحَمْلِ الْأَوْصَافِ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهِ وَالدَّلَائِلِ الَّتِي تُثْبِتُ نُبُوَّتَهُ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى إِذَا سُئِلُوا: هَلْ لِهَذَا النَّبِيِّ ذِكْرٌ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست