responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 130
وَأَمَّا مَعْنَى إِنْزَالِ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ - مَعَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ بِالْيَقِينِ أَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ مُنَجَّمًا مُتَفَرِّقًا فِي مُدَّةِ الْبِعْثَةِ كُلِّهَا - فَهُوَ أَنَّ ابْتِدَاءَ نُزُولِهِ كَانَ فِي رَمَضَانَ، وَذَلِكَ فِي لَيْلَةٍ مِنْهُ سُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ; أَيْ: الشَّرَفِ، وَاللَّيْلَةَ الْمُبَارَكَةَ كَمَا فِي آيَاتٍ أُخْرَى، وَهَذَا الْمَعْنَى ظَاهِرٌ لَا إِشْكَالَ فِيهِ، عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ يُطْلَقُ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ كُلِّهِ، وَيُطْلَقُ عَلَى بَعْضِهِ، وَقَدْ ظَنَّ الَّذِينَ تَصَدَّوْا لِلتَّفْسِيرِ مُنْذُ عَصْرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْآيَةَ مُشْكِلَةٌ، وَرَوَوْا فِي حَلِّ الْإِشْكَالِ أَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنْ رَمَضَانَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَكَانَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ مُنَجَّمًا بِالتَّدْرِيجِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ مِنْهُ شَيْءٌ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْآيَاتِ، وَلَا تَظْهَرُ الْمِنَّةُ عَلَيْنَا وَلَا الْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ رَمَضَانَ شَهْرَ الصَّوْمِ عَلَى قَوْلِهِمْ هَذَا ; لِأَنَّ وُجُودَ الْقُرْآنِ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا كَوُجُودِهِ فِي غَيْرِهَا مِنَ السَّمَاوَاتِ أَوِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ هِدَايَةً لَنَا، وَلَا تَظْهَرُ لَنَا فَائِدَةٌ فِي هَذَا الْإِنْزَالِ وَلَا فِي الْإِخْبَارِ، وَقَدْ زَادُوا عَلَى هَذَا رِوَايَاتٍ فِي كَوْنِ جَمِيعِ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ أُنْزِلَتْ فِي رَمَضَانَ، كَمَا قَالُوا: إِنَّ الْأُمَمَ السَّابِقَةَ كُلِّفَتْ صِيَامَ رَمَضَانَ.
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: وَلَمْ يَصِحَّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ
وَالرِّوَايَاتِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا هِيَ حَوَاشٍ أَضَافُوهَا لِتَعْظِيمِ رَمَضَانَ، وَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهَا إِذْ يَكْفِينَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَنْزَلَ فِيهِ هِدَايَتَنَا وَجَعَلَهُ مِنْ شَعَائِرِ دِينِنَا وَمَوَاسِمِ عِبَادَتِنَا، وَلَمْ يَقُلْ تَعَالَى إِنَّهُ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي رَمَضَانَ، وَلَا إِنَّهُ أَنْزَلَهُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، بَلْ قَالَ بَعْدَ إِنْزَالِهِ: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) (85: 21، 22) فَهُوَ مَحْفُوظٌ فِي لَوْحٍ بَعْدَ نُزُولِهِ قَطْعًا، وَأَمَّا اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ الَّذِي ذَكَرُوا أَنَّهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَأَنَّ مِسَاحَتَهُ كَذَا، وَأَنَّهُ كُتِبَ فِيهِ كُلُّ مَا عَلِمَ اللهُ تَعَالَى فَلَا ذِكْرَ لَهُ فِي الْقُرْآنِ، وَهُوَ مِنْ عَالَمِ الْغَيْبِ، فَالْإِيمَانُ بِهِ إِيمَانٌ بِالْغَيْبِ يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ فِيهِ عِنْدَ النُّصُوصِ الثَّابِتَةِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ وَلَا تَفْصِيلٍ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْمَقَامِ نَصٌّ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ.
(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) أَيْ: فَمَنْ حَضَرَ مِنْكُمْ دُخُولَ الشَّهْرِ أَوْ حُلُولَهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا فَلْيَصُمْهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ الَّتِي تَتَأَلَّفُ السَّنَةُ مِنْهَا مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا.
وَشُهُودُهُ فِيهَا يَكُونُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ، فَعَلَى كُلِّ مَنْ رَآهُ أَوْ ثَبَتَتْ عِنْدَهُ رُؤْيَةُ غَيْرِهِ لَهُ أَنْ يَصُومَ، وَإِذَا لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ فِي اللَّيْلَةِ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَجَبَ صِيَامُ يَوْمِهَا وَكَانَ أَوَّلُ رَمَضَانَ مَا بَعْدَهُ، وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا ثَابِتَةٌ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ، وَجَرَى عَلَيْهَا الْعَمَلُ مِنَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ إِلَى الْيَوْمِ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالشَّهْرِ هُنَا الْهِلَالُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُعَبِّرُ عَنِ الْهِلَالِ بِالشَّهْرِ، وَيَرُدُّهُ أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ: شَهِدَ الْهِلَالَ، وَإِنَّمَا يَقُولُونَ: رَآهُ، وَمَعْنَى شَهِدَ حَضَرَ،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 130
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست