responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 23
نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي «الْكَشَّافِ» عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ [39] ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ تَأَبَّطَ شَرًّا:
هَلْ أَنْتَ بَاعِثُ دِينَارٍ لِحَاجَتِنَا ... أَوْ عَبْدِ رَبٍّ أَخَا عَوْنِ بْنِ مِخْرَاقِ
(دِينَارٌ اسْمُ رَجُلٍ، وَكَذَا عَبْدُ رَبٍّ. وَقَوْلُهُ: أَخَا عَوْنٍ أَوْ عَوْفٍ نِدَاءٌ، أَيْ يَا أَخَا عَوْنٍ) . فَتَحْرِيمُ الْخَمْرِ مُتَقَرِّرٌ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَإِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ وَفَدُوا قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ، فَكَانَ مِمَّا أَوْصَاهُمْ بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَنْتَبِذُوا فِي الْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ وَالدُّبَّاءِ، لِأَنَّهَا يُسْرِعُ الِاخْتِمَارُ إِلَى نَبِيذِهَا.
وَالْمُرَادُ بِالْأَنْصَابِ هُنَا عِبَادَةُ الْأَنْصَابِ. وَالْمُرَادُ بِالْأَزْلَامِ الِاسْتِقْسَامُ بِهَا، لِأَنَّ عَطْفَهَا عَلَى الْمَيْسِرِ يَقْتَضِي أَنَّهَا أَزْلَامٌ غَيْرُ الْمَيْسِرِ. قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : ذِكْرُ الْأَنْصَابِ وَالْأَزْلَامِ مَعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ مَقْصُودٌ مِنْهُ تَأْكِيدُ التَّحْرِيمِ لِلْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ فِي آيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْأَنْصَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [الْمَائِدَة: 3] ، وَالْكَلَامُ عَلَى الْأَزْلَامِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ [3] . وَأَكَّدَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَحْرِيمَ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَتَحْرِيمَ الِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ وَهُوَ التَّحْرِيمُ الْوَارِدُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ وَالْمُقَرَّرُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ أَوَّلِ الْبَعْثَةِ.
وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ هُنَا تَعَاطِيهَا، كُلٌّ بِمَا يُتَعَاطَى بِهِ مِنْ شُرْبٍ وَلَعِبٍ وَذَبْحٍ
وَاسْتِقْسَامٍ. وَالْقَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ إِنَّما قَصْرُ مَوْصُوفٍ عَلَى صِفَةٍ، أَيْ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَاتِ مَقْصُورَةٌ عَلَى الِاتِّصَافِ بِالرِّجْسِ لَا تَتَجَاوَزُهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ ادِّعَائِيٌّ لِلْمُبَالَغَةِ فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِمَا عَدَا صِفَةَ الرِّجْسِ مِنْ صِفَاتِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ قَالَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [219] فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ، فَأَثْبَتَ لَهُمَا الْإِثْمَ، وَهُوَ صِفَةٌ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست