responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 22
ثُمَّ نَزَلَتِ الْآيَةُ هَذِهِ. فَقَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا.
وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ قَبْلَ سُورَةِ الْعُقُودِ وَوُضِعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهَا هُنَا. وَرُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِسَبَبِ مُلَاحَاةٍ جَرَتْ بَيْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ. رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالُوا: تَعَالَ نُطْعِمْكَ وَنُسْقِكَ خَمْرًا- وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ- فَأَتَيْتُهُمْ فِي حُشٍّ، وَإِذَا رَأْسُ جَزُورٍ مَشْوِيٌّ وَزِقٌّ مِنْ خَمْرٍ، فَأَكَلْتُ وَشَرِبْتُ مَعَهُمْ، فَذَكَرْتُ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرِينَ عِنْدَهُمْ، فَقُلْتُ: الْمُهَاجِرُونَ خَيْرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لَحْيَ جَمَلٍ فَضَرَبَنِي بِهِ فَجَرَحَ بِأَنْفِي فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيَّ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى [النِّسَاء: 43] ويَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ
وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ
[الْبَقَرَة: 219] نَسَخَتْهُمَا فِي الْمَائِدَةِ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ.
فَلَا جَرَمَ كَانَ هَذَا التَّحْرِيمُ بِمَحَلِّ الْعِنَايَةِ مِنَ الشَّارِعِ مُتَقَدِّمًا لِلْأُمَّةِ فِي إِيضَاحِ أَسْبَابِهِ رِفْقًا بِهِمْ وَاسْتِئْنَاسًا لِأَنْفُسِهِمْ، فَابْتَدَأَهُمْ بِآيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَلَمْ يُسَفِّهْهُمْ فِيمَا كَانُوا يَتَعَاطَوْنَ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ أَنْبَأَهُمْ بِعُذْرِهِمْ فِي قَوْلِهِ: قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما [الْبَقَرَة: 219] ، ثُمَّ بِآيَةِ سُورَةِ النِّسَاءِ، ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهَا بِالتَّحْرِيمِ بِآيَةِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ فَحَصَرَ أَمْرَهُمَا فِي أَنَّهُمَا رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ وَرَجَا لَهُمُ الْفَلَاحَ فِي اجْتِنَابِهِمَا بِقَوْلِهِ: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وَأَثَارَ مَا فِي الطِّبَاعِ مِنْ بُغْضِ الشَّيْطَانِ بِقَوْلِهِ: إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ. ثُمَّ قَالَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ، فَجَاءَ بِالِاسْتِفْهَامِ لِتَمْثِيلِ حَالِ الْمُخَاطَبِينَ بِحَالِ مَنْ بَيَّنَ لَهُ الْمُتَكَلِّمُ حَقِيقَةَ شَيْءٍ ثُمَّ اخْتَبَرَ مِقْدَارَ تَأْثِيرِ ذَلِكَ الْبَيَانِ فِي نَفْسِهِ.
وَصِيغَةُ: هَلْ أَنْتَ فَاعِلٌ كَذَا. تُسْتَعْمَلُ لِلْحَثِّ عَلَى فِعْلٍ فِي مَقَامِ الِاسْتِبْطَاءِ،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست