responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 35
التَّقْدِيرُ يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ نَاشِئًا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ آيَةِ الْمَوَارِيثِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ [الْبَقَرَة: 187] فَتَكُونَ تَكْمِلَةً لِآيَةِ الْمَوَارِيثِ.
التَّقْدِيرُ الرَّابِعُ: وَلِكُلٍّ مِنْكُمْ أَيُّهَا الْمُخَاطَبُونَ بِقَوْلِنَا: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ [النِّسَاء: 32] جَعَلْنَا مَوَالِيَ، أَيْ شَرَعْنَا أَحْكَامَ الْوَلَاءِ لِمَنْ هُمْ مُوَالٍ لَكُمْ، فَحُكْمُ الْوَلَاءِ الَّذِي تَرَكَهُ لَكُمْ أَهَالِيكُمْ: الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ، أَيْ أَهْلُ الْوَلَاءِ الْقَدِيمِ فِي الْقَبِيلَةِ الْمُنْجَرِّ مِنْ حِلْفٍ قَدِيمٍ، أَوْ بِحُكْمِ الْوَلَاءِ الَّذِي عَاقَدَتْهُ الْأَيْمَانُ، أَيِ الْأَحْلَافُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ أَيُّهَا الْمُخَاطَبُونَ، وَهُوَ الْوَلَاءُ الْجَدِيدُ الشَّامِلُ لِلتَّبَنِّي الْمُحْدَثِ، وَلِلْحِلْفِ الْمُحْدَثِ، مِثْلَ الْمُؤَاخَاةِ الَّتِي فَرَضَهَا النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. فَإِنَّ الْوَلَاءَ مِنْهُ وَلَاءٌ قَدِيمٌ فِي الْقَبَائِلِ، وَمِنْهُ مَا يَتَعَاقَدُ عَلَيْهِ الْحَاضِرُونَ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو تَمَّامٍ.
أَعْطَيْتَ لِي دِيَةَ الْقَتِيلِ وَلَيْسَ لِي ... عَقْلٌ وَلَا حِلْفٌ هُنَاكَ قَدِيمُ
وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يكون وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ معطوفة عَلَى الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَهَذَا التَّقْدِيرُ يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ نَاشِئًا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ [الْبَقَرَة:
187] فَتَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ تَكْمِلَةً لِآيَاتِ الْمَوَارِيثِ.
وَلِلْمُفَسِّرِينَ تَقَادِيرُ أُخْرَى لَا تُلَائِمُ بَعْضَ أَجْزَاءِ النَّظْمِ إِلَّا بِتَعَسُّفٍ فَلَا يَنْبَغِي التَّعْرِيجُ عَلَيْهَا.
وَقَوله: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ قِيلَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ، وَقِيلَ هُوَ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَنْ هُمُ الْمَوَالِي؟ فَقِيلَ: الْوالِدانِ
وَالْأَقْرَبُونَ
إِلَخْ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ خَبَرٌ عَنْ قَوْله: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ.
وَأُدْخِلَتِ الْفَاءُ فِي الْخَبَرِ لِتَضَمُّنِ الْمَوْصُولِ مَعْنَى الشَّرْطِ، وَرُجِّحَ هَذَا بِأَنَّ الْمَشْهُور أنّ الْوَقْت عَلَى قَوْلِهِ: وَالْأَقْرَبُونَ وَلَيْسَ عَلَى قَوْلِهِ: أَيْمانُكُمْ. وَالْمُعَاقَدَةُ: حُصُولُ الْعَقْدِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، أَيِ الَّذِينَ تَعَاقَدْتُمْ مَعَهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونُوا بِمَنْزِلَةِ الْأَبْنَاءِ أَوْ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْوَةِ أَوْ بِمَنْزِلَةِ أَبْنَاءِ الْعَمِّ. وَالْأَيْمَانُ جَمْعُ يَمِينٍ: إِمَّا بِمَعْنَى الْيَدِ، أُسْنِدَ الْعَقْدُ إِلَى الْأَيْدِي مَجَازًا لِأَنَّهَا تُقَارِنُ الْمُتَعَاقِدِينَ لِأَنَّهُمْ يَضَعُونَ أَيْدِيَ بَعْضِهِمْ فِي أَيْدِي الْآخَرِينَ، عَلَامَةً عَلَى انْبِرَامِ الْعَقْدِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ سُمِّيَ الْعَقْدُ صَفْقَةً أَيْضًا لِأَنَّهُ يُصَفَّقُ فِيهِ الْيَدُ عَلَى الْيَدِ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ [النِّسَاء: 3] وَإِمَّا بِمَعْنَى الْقَسَمِ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَصْحَبُهُ قَسَمٌ،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست