responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 36
وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ سُمِّي حِلْفًا، وَصَاحِبُهُ حَلِيفًا. وَإِسْنَادُ الْعَقْدِ إِلَى الْأَيْمَانِ بِهَذَا الْمَعْنَى مَجَازٌ أَيْضًا لِأَنَّ الْقَسَمَ هُوَ سَبَبُ انْعِقَادِ الْحِلْفِ.
وَالْمُرَادُ ب الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ: قِيلَ مَوَالِي الْحِلْفِ الَّذِي كَانَ الْعَرَبُ يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ أَنْ يُحَالِفَ الرَّجُلُ الْآخَرَ فَيَقُولُ لَهُ «دَمِي دَمُكَ وَهَدْمِي هَدْمُكَ- أَيْ إِسْقَاطُ أَحَدِهِمَا لِلدَّمِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ يَمْضِي عَلَى الْآخَرِ- وَثَأْرِي ثَأْرُكَ وَحَرْبِي حَرْبُكَ وَسِلْمِي سِلْمُكَ وَتَرِثُنِي وَأَرِثُكَ وَتَطْلُبُ بِي وَأَطْلُبُ بِكَ وَتَعْقِلُ عَنِّي وَأَعْقِلُ عَنْكَ» . وَقَدْ جَمَعَ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ مِنَ الْمَوَالِي الْحُصَيْنُ بْنُ الْحُمَامِ مِنْ شُعَرَاءِ الْحَمَاسَةِ فِي قَوْلِهِ:
مَوَالِيكُمْ مَوْلَى الْوِلَادَةِ مِنْكُمُ ... وَمَوْلَى الْيَمِينِ حَابِسٌ قَدْ تُقُسِّمَا
قِيلَ: كَانُوا جَعَلُوا لِلْمَوْلَى السُّدُسَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، فَأَقَرَّتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ، ثُمَّ نَسَخَتْهَا آيَة الْأَنْفَال: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ [الْأَنْفَال: 75] قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ جَعَلُوا لِلْمَوْلَى السُّدُسَ وَصِيَّةً لِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُمْ مَوَارِيثُ مُعَيَّنَةٌ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ الَّذِينَ آخَى النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ، فَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ دُونَ ذَوِي الْأَرْحَامِ، ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ بِآيَةِ الْأَنْفَالِ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةً. وَفِي أَسْبَابِ النُّزُولِ لِلْوَاحِدِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي التَّبَنِّي الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَانَ الْمُتَبَنَّى يَرِثُ الْمُتَبَنِّي (بِالْكَسْرِ) مِثْلُ تَبَنِّي النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ الْكَلْبِيَّ، وَتَبَنِّي الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ الْمِقْدَادَ الْكِنْدِيَّ، الْمَشْهُورَ بِالْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَتَبَنِّي الْخَطَّابِ بن نفَيْل عَامِرًا بْنِ رَبِيعَةَ، وَتَبَنِّي أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ بن ربيعَة سالما بْنِ مَعْقِلٍ الْإِصْطَخْرِيَّ، الْمَشْهُورَ بِسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، ثُمَّ نُسِخَ بِالْمَوَارِيثِ. وَعَلَى الْقَوْلِ بأنّ
وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ فَالْآيَةُ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ فِي «الْبُخَارِيِّ» هِيَ نَاسِخَةٌ لِتَوْرِيثِ الْمُتَآخِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ حَصَرَ الْمِيرَاثَ فِي الْقَرَابَةِ، فَتَعَيَّنَ عَلَى هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ:
فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ أَيْ نَصِيبَ الَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنَ النَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ، أَوْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ بِالْوَصِيَّةِ، وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست