responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 34
وَقَوْلُهُ: الْوالِدانِ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ بَيَّنَ بِهِ المُرَاد فِي (مَوَالِيَ) ، وَيَصْلُحُ أَنْ يُبَيِّنَ بِهِ كُلَّ الْمُقَدَّرَ لَهُ مُضَافٌ. تَقْدِيرُهُ: لكلّ تَارِك. وتبيين كِلَا اللَّفْظَيْنِ سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّ التَّارِكَ:
وَالِدٌ أَوْ قَرِيبٌ، وَالْمَوَالِيَ: وَالِدُونَ أَوْ قَرَابَةٌ. وَفِي ذِكْرِ الْوالِدانِ غُنْيَةٌ عَنْ ذِكْرِ الْأَبْنَاءِ لِتَلَازُمِهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْوَالِدَانِ مِنَ الْوَرَثَةِ فَالْهَالِكُ وَلَدٌ وَإِلَّا فَالْهَالِكُ وَالِدٌ. وَالتَّعْرِيفُ فِي الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ عِوَضٌ عَنْ مُضَافٍ إِلَيْهِ أَيْ: وَالِدَاهُمُ وَأَقْرَبُوهُمْ، وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ الْمَحْذُوفُ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَوَالِي، وَهَذَا التَّقْدِيرُ يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ نَاشِئًا عَنْ قَوْلِهِ: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا [النِّسَاء: 32] ، أَيْ وَلِكُلٍّ مِنَ الصِّنْفَيْنِ جَعَلْنَا مَوَالِيَ يَرِثُونَهُ، وَهُوَ الْجَعْلُ الَّذِي فِي آيَاتِ الْمَوَارِيثِ.
وَالتَّقْدِيرُ الثَّانِي: وَلِكُلِّ شَيْءٍ مِمَّا تَرَكَهُ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ جَعَلْنَا مَوَالِيَ، أَيْ قَوْمًا يَلُونَهُ بِالْإِرْثِ، أَيْ يَرِثُونَهُ، أَيْ يَكُونُ تُرَاثًا لَهُمْ، فَيَكُونُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ الْمَحْذُوفُ اسْمًا نَكِرَةً عَامًّا يُبَيِّنُ نَوْعَهُ الْمَقَامُ، وَيَكُونُ مِمَّا تَرَكَ بَيَانًا لِمَا فِي تَنْوِينِ (كلّ) من الْإِبْهَام، وَيَكُونُ وَالْأَقْرَبُونَ فَاعِلا (لترك) .
وَهَذَا التَّقْدِيرُ يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ نَاشِئًا عَنْ قَوْلِهِ: مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ [النِّسَاء: 32] أَيْ فِي الْأَمْوَالِ، أَيْ وَلِكُلٍّ مِنَ الَّذِينَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ جَعَلْنَا مَوَالِيَ يَؤُولُ إِلَيْهِمُ الْمَالُ، فَلَا تَتَمَنَّوْا مَا لَيْسَ لَكُمْ فِيهِ حَقٌّ فِي حَيَاةِ أَصْحَابِهِ، وَلَا مَا جَعَلْنَاهُ لِلْمَوَالِي بَعْدَ مَوْتِ أَصْحَابِهِ.
التَّقْدِيرُ الثَّالِثُ: وَلِكُلٍّ مِنْكُمْ جَعَلْنَا مَوَالِيَ، أَيْ عَاصِبِينَ مِنَ الَّذِينَ تَرَكَهُمُ الْوَالِدَانِ، مِثْلَ الْأَعْمَامِ وَالْأَجْدَادِ وَالْأَخْوَالِ، فَإِنَّهُمْ قُرَبَاءُ الْأَبَوَيْنِ، وَمِمَّا تَرَكَهُمُ الْأَقْرَبُونَ مِثْلُ أَبْنَاءِ الْأَعْمَامِ وَأَبْنَائِهِمْ وَإِنْ تَعَدَّدُوا، وَأَبْنَاءُ الْأَخَوَاتِ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ قُرَبَاءُ الْأَقْرَبِينَ، فَتَكُونُ الْآيَةُ مُشِيرَةً إِلَى إِرْجَاعِ الْأَمْوَالِ إِلَى الْعَصَبَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَإِلَى ذَوِيِ الْأَرْحَامِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَذَلِكَ إِذَا انْعَدَمَ الْوَرَثَةُ الَّذِينَ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ السَّابِقَةِ، وَهُوَ حُكْمٌ مُجْمَلٌ بَيَّنَهُ
قَوْلُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ»
،
وَقَوْلُهُ: «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ
،
وَقَوْلُهُ: «الْخَالُ وَارْثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ
، وَقَوله تَعَالَى: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ [الْأَنْفَال: 75] ، وَبِذَلِكَ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وَعَلَيْهِ فَ (مَا) الْمَوْصُولَةُ فِي قَوْلِهِ:
مِمَّا تَرَكَ بِمَعْنَى (مَنْ) الْمَوْصُولَةِ، وَلَا بِدْعَ فِي ذَلِكَ. وَهَذَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست