responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 333
التَّحَنُّفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ رِسَالَةَ الرُّسُلِ، وَأَمَّا مَا حُكِيَ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [الْأَنْعَام: 91] ، فَذَلِكَ صَدَرَ مِنْهُمْ فِي الْمُلَاجَّةِ وَالْمُحَاجَّةِ لَمَّا لَزِمَتْهُمُ الْحُجَّةُ بِأَنَّ الرُّسُلَ مِنْ قَبْلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا مِنَ الْبَشَرِ وَكَانَتْ أَحْوَالُهُمْ أَحْوَالَ الْبَشَرِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ [الْفرْقَان: 20] فَلَجَأُوا إِلَى إِنْكَارِ أَنْ يُوحِيَ اللَّهُ إِلَى بَشَرٍ شَيْئًا.
وَأَمَّا مَا حُكِيَ عَنْهُمْ هُنَا فَهُوَ شَأْنُهُمْ قَبْلَ بَعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالنَّذِيرُ: الْمُنْذِرُ بِكَلَامِهِ. فَالْمَعْنَى: فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ قَبْلَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ [الْقَصَص: 46] وَهَذَا غَيْرُ الْقَسَمِ الْمَحْكِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا» .
وَالزِّيَادَةُ: أَصْلُهَا نَمَاءٌ وَتَوَفُّرٌ فِي ذَوَاتٍ. وَقَدْ يُرَادُ بِهَا الْقُوَّةُ فِي الصِّفَاتِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ [التَّوْبَة: 125] . وَمِنْ ثَمَّةَ تُطْلَقُ الزِّيَادَةُ أَيْضًا عَلَى طُرُوِّ حَالٍ عَلَى حَالٍ، أَوْ تَغْيِيرِ حَالٍ إِلَى غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً [النبأ: 30] .
وَتُطْلَقُ عَلَى مَا يَطْرَأُ مِنَ الْخَيْرِ عَلَى الْإِنْسَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوْعُهُ عِنْدَهُ مِنْ قَبْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ [يُونُس: 26] ، أَيْ وَعَطَاءٌ يَزِيدُ فِي خَيْرِهِمْ.
وَلَّمَا كَانَ مَجِيءُ الرَّسُول يَقْتَضِي تغير أَحْوَالِ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ إِلَى مَا هُوَ أَحْسَنُ كَانَ الظَّنُّ بِهِمْ لَمَّا أَقْسَمُوا قَسَمَهُمْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا جَاءَهُمُ النَّذِيرُ اهْتَدَوْا وَازْدَادُوا مِنَ الْخَيْرِ إِنْ كَانُوا عَلَى شَأْنٍ مِنَ الْخَيْرِ فَإِنَّ الْبَشَرَ لَا يَخْلُو مِنْ جَانِبٍ مِنَ الْخَيْرِ قَوِيٌّ أَوْ ضَعِيفٌ فَإِذَا بِهِمْ صَارُوا نَافِرِينَ مِنَ الدِّينِ الَّذِي جَاءَهُم.
وَالِاسْتِثْنَاء مُفَرع مِنْ مَفْعُولِ زادَهُمْ الْمَحْذُوفِ، أَيْ مَا أَفَادَهُمْ صَلَاحًا وَحَالًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إِلَّا نُفُورًا فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا نُفُوراً مِنْ تَأْكِيدِ الشَّيْءِ بِمَا يُشْبِهُ ضِدَّهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا نَافِرِينَ مِنْ قَبْلُ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ لَمَّا أَقْسَمُوا: لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى كَانَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست