responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 334
حَالُهُمْ حَالَ النفور من قبُول دَعْوَةِ النَّصَارَى إِيَّاهُمْ إِلَى دِينِهِمْ أَوْ مِنَ الِاتِّعَاظِ بِمَوَاعِظِ الْيَهُودِ فِي تَقْبِيحِ الشِّرْكِ فَأَقْسَمُوا ذَلِكَ الْقَسَمَ تَفَصِّيًا مِنَ الْمُجَادَلَةِ، وَبَاعِثُهُمْ عَلَيْهِ النُّفُورُ مِنْ مُفَارَقَةِ الشِّرْكِ، فَلَمَّا جَاءَهُمُ الرَّسُولُ مَا زَادَهُمْ شَيْئًا وَإِنَّمَا زَادَهُمْ نُفُورًا، فَالزِّيَادَةُ بِمَعْنَى التَّغْيِيرِ وَالِاسْتِثْنَاءِ تَأْكِيدٌ لِلشَّيْءِ بِمَا يُشْبِهُ ضِدّه. والنفور هم نُفُورُهُمُ السَّابِقُ، فَالْمَعْنَى لَمْ يَزِدْهُمْ شَيْئًا وَحَالُهُمْ هِيَ هِيَ.
وَضَمِيرُ زادَهُمْ عَائِدٌ إِلَى رَسُولٍ أَوْ إِلَى الْمَجِيءِ الْمَأْخُوذِ مِنْ جاءَهُمْ. وَإِسْنَادُ الزِّيَادَةِ إِلَيْهِ عَلَى كِلَا الِاعْتِبَارَيْنِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ لِأَنَّ الرَّسُولَ أَوْ مَجِيئَهُ لَيْسَ هُوَ يَزِيَدُهُمْ وَلَكِنَّهُ سَبَبُ تَقْوِيَةِ نُفُورِهِمْ أَوِ اسْتِمْرَارِ نُفُورِهِمْ.
واسْتِكْباراً بَدَلُ اشْتِمَالِ مِنْ نُفُوراً أَوْ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، لِأَنَّ النُّفُورَ فِي مَعْنَى
الْفِعْلِ فَصَحَّ إِعْمَالُهُ فِي الْمَفْعُولِ لَهُ. وَالتَّقْدِيرُ: نَفَرُوا لِأَجْلِ الِاسْتِكْبَارِ فِي الْأَرْضِ.
وَالِاسْتِكْبَارُ: شِدَّةُ التَّكَبُّرِ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ مِثْلُ اسْتَجَابَ.
وَالْأَرْضُ: مَوْطِنُ الْقَوْمِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا [الْأَعْرَاف: 88] أَيْ بَلَدِنَا، فَالتَّعْرِيفُ فِي الْأَرْضِ لِلْعَهْدِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمُ اسْتَكْبَرُوا فِي قَوْمِهِمْ أَنْ يَتَّبِعُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ.
وَمَكْرَ السَّيِّئِ عُطِفَ عَلَى اسْتِكْباراً بِالْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ، وَإِضَافَةُ مَكْرَ إِلَى السَّيِّئِ مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ مِثْلُ: عِشَاءِ الْآخِرَةِ. وَأَصْلُهُ: أَنْ يَمْكُرُوا الْمَكْر السيّء بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ.
وَالْمَكْرُ: إِخْفَاءُ الْأَذَى وَهُوَ سيّىء لِأَنَّهُ مِنَ الْغَدْرِ وَهُوَ مُنَافٍ لِلْخُلُقِ الْكَرِيمِ، فَوَصْفُهُ بِالسَّيِّئِ وَصْفٌ كَاشِفٌ، وَلَعَلَّ التَّنْبِيهَ إِلَى أَنَّهُ وَصْفٌ كَاشِفٌ هُوَ مُقْتَضَى إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الْوَصْفِ لِإِظْهَارِ مُلَازَمَةِ الْوَصْفِ لِلْمَوْصُوفِ فَلَمْ يَقُلْ: وَمَكْرًا سَيِّئًا (وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي الْمَكْرِ إِلَّا فِي الْحَرْبِ لِأَنَّهَا مَدْخُولٌ فِيهَا عَلَى مِثْلِهِ) أَيْ مَكْرًا بِالنَّذِيرِ وَأَتْبَاعِهِ وَهُوَ مَكْرٌ ذَمِيمٌ لِأَنَّهُ مُقَابَلَةُ الْمُتَسَبِّبِ فِي صَلَاحِهِمْ بِإِضْمَارِ ضُرِّهِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست