responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 332
فَهُوَ مُرَادِفٌ لِ أَقْسَمُوا، فَتَقْدِيرُهُ: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ قَسَمًا جَهْدًا، وَهُوَ صِفَةٌ بِالْمَصْدَرِ أُضِيفَتْ إِلَى مَوْصُوفِهَا.
وَجُمْلَةُ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ إِلَخْ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ أَقْسَمُوا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يَا آدَمُ الْآيَة [طه: 120] .
وَعَبَّرَ عَنِ الرَّسُولِ بِالنَّذِيرِ لِأَنَّ مُجَادَلَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِيَّاهُمْ كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى تَخْوِيفٍ وَإِنْذَارٍ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى وَصْفِ النَّذِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْ تَقُولُوا مَا جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ [الْمَائِدَة: 19] . وَهَذَا يُرَجِّحُ أَنْ تَكُونَ الْمُجَادَلَةُ جَرَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَعْضِ النَّصَارَى لِأَنَّ الْإِنْجِيلَ مُعْظَمُهُ نِذَارَةٌ.
وإِحْدَى الْأُمَمِ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ ذَاتِ الدِّينِ فَإِنْ عَنَوْا بِهَا أُمَّةً مَعْرُوفَةً: إِمَّا الْأُمَّةَ النَّصْرَانِيَّةَ، وَإِمَّا الْأُمَّةَ الْيَهُودِيَّةَ، أَوِ الصَّابِئَةَ كَانَ التَّعْبِيرُ عَنْهَا بِ إِحْدَى الْأُمَمِ إِبْهَامًا لَهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِبْهَامًا مِنْ كَلَامِ الْمُقْسِمِينَ تَجَنُّبًا لِمُجَابَهَةِ تِلْكَ الْأُمَّةِ بِصَرِيحِ التَّفْضِيلِ عَلَيْهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِبْهَامًا مِنْ كَلَامِ الْقُرْآنِ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي التَّرَفُّعِ عَمَّا لَا فَائِدَةَ فِي تَعْيِينِهِ إِذِ الْمَقْصُودُ أَنَّهُمْ أَشْهَدُوا اللَّهَ عَلَى أَنَّهُمْ إِنْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ يَكُونُوا أَسْبَقَ مِنْ غَيْرِهِمُ اهْتِدَاءً فَإِذَا هُمْ لَمْ يَشُمُّوا رَائِحَةَ الِاهْتِدَاءِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَرِيقٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ نَظَرُوا فِي قَسَمِهِمْ بِهَدْيِ الْيَهُودِ، وَفَرِيقٌ نَظَرُوا بِهَدْيِ النَّصَارَى، وَفَرِيقٌ بِهَدْيِ الصَّابِئَةِ، فَجَمَعَتْ عِبَارَةُ الْقُرْآنِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ لِيَأْتِيَ عَلَى مَقَالَةِ كُلِّ فَرِيقٍ مَعَ الْإِيجَازِ.
وَذَكَرَ فِي «الْكَشَّافِ» وَجْهًا آخَرَ أَنْ يَكُونَ إِحْدَى الْأُمَمِ بِمَعْنَى أَفْضَلِ الْأُمَمِ، فَيَكُونَ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُقْسِمِينَ، أَيْ أَهْدَى مِنْ أَفْضَلِ الْأُمَمِ، وَلَكِنَّهُ بَنَاهُ عَلَى التَّنْظِيرِ بِمَا لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: إِحْدَى الْإِحَدِ (بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ فِي الْإِحَدِ) وَلَا يَتِمُ التَّنْظِيرُ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ: إِحْدَى الْإِحَدِ، جَرَى مَجْرَى الْمَثَلِ فِي اسْتِعْظَامِ الْأَمْرِ فِي الشَّرِّ أَوِ الْخَيْرِ. وَقَرِينَةُ إِرَادَةِ الِاسْتِعْظَامِ إِضَافَةُ «إِحْدَى» إِلَى اسْمٍ مِنْ لَفْظِهَا فَلَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعْنًى يُرَادُ فِي حَالَةِ تَجَرُّدِ إِحْدَى عَنِ الْإِضَافَةِ.
وَبَيْنَ: أَهْدى وإِحْدَى الْجِنَاسُ الْمُحَرَّفُ.
وَهَذِهِ الْآيَةُ وَغَيْرُهَا وَمَا يُؤْثَرُ مِنْ تَنَصُّرِ بَعْضِ الْعَرَبِ وَمِنِ اتِّسَاعِ بَعْضِهِمْ فِي

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 332
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست