responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 275
إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ فِي قَوْلِهِ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ [الْمَائِدَة: 7] .
وَقَوْلُهُ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ إِلَخْ هُوَ مِنْ ذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ لِلِاهْتِمَامِ بِهِمْ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ أَفْضَلُ الرُّسُلِ، وَقَدْ ذُكِرَ ضَمِيرُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُمْ إِيمَاءً إِلَى تَفْضِيلِهِ عَلَى جَمِيعِهِمْ، ثُمَّ جُعِلَ تَرْتِيبُ ذِكْرِ الْبَقِيَّةِ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِي الْوُجُودِ. وَلِهَذِهِ النُّكْتَةِ خُصَّ ضَمِيرُ النَّبِيءِ بِإِدْخَالِ حَرْفِ (مِنْ) عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ، ثُمَّ أُدْخِلَ حَرْفُ (مِنْ) عَلَى مَجْمُوعِ الْبَاقِينَ فَكَانَ قَدْ خُصَّ بِاهْتِمَامَيْنِ: اهْتِمَامِ التَّقْدِيمِ، وَاهْتِمَامِ إِظْهَارِ اقْتِرَانِ الِابْتِدَاءِ بِضَمِيرٍ بِخُصُوصِهِ غَيْرَ مُنْدَمِجٍ فِي بَقِيَّتِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.
وَسَيَجِيءُ أَنَّ مَا فِي سُورَةِ الشُّورَى [13] مِنْ تَقْدِيمِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً عَلَى وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ [الشورى: 13] طَرِيقٌ آخَرُ هُوَ آثَرُ بِالْغَرَضِ الَّذِي فِي تِلْكَ السُّورَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ الْآيَة [الشورى: 13] .
وَجُمْلَةُ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً أَعَادَتْ مَضْمُونَ جُمْلَةِ وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيئِينَ مِيثَاقَهُمْ لِزِيَادَةِ تَأْكِيدِهَا، وَلِيُبْنَى عَلَيْهَا وَصْفُ الْمِيثَاقِ بِالْغَلِيظِ، أَيْ: عَظِيمًا جَلِيلَ الشَّأْنِ فِي جِنْسِهِ فَإِنَّ كُلَّ مِيثَاقٍ لَهُ عِظَمٌ فَلَمَّا وُصِفَ هَذَا بِ غَلِيظاً أَفَادَ أَنَّ لَهُ عِظَمًا خَاصًّا، وَلِيُعَلِّقَ بِهِ لَامَ التَّعْلِيلِ من قَوْله لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ.
وَحَقِيقَةُ الْغَلِيظِ: الْقَوِيُّ الْمَتِينُ الْخَلْقِ، قَالَ تَعَالَى: فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ [الْفَتْح: 29] . وَاسْتُعِيرَ الْغَلِيظُ لِلْعَظِيمِ الرَّفِيعِ فِي جِنْسِهِ لِأَنَّ الْغَلِيظَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ هُوَ أَمْكَنُهُ فِي صِفَاتِ جِنْسِهِ.
وَاللَّامُ فِي قَوْله لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ لَامُ كَيْ، أَيْ: أَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا لِنُعْظِمَ جَزَاءً لِلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَلِنُشَدِّدَ الْعَذَابَ جَزَاءً لِلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ رُسُلُ اللَّهِ، فَيَكُونُ مِنْ دَوَاعِي ذِكْرِ هَذَا الْمِيثَاقِ هُنَا أَنَّهُ تَوْطِئَةٌ لِذِكْرِ جَزَاءِ الصَّادِقِينَ وَعَذَابِ الْكَافِرِينَ زِيَادَةً عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ دَوَاعِي ذَلِكَ آنِفًا. وَهَذِهِ عِلَّةٌ مِنْ عِلَلِ أَخْذِ الْمِيثَاقِ مِنَ النَّبِيئِينَ وَهِيَ آخِرُ الْعِلَلِ حُصُولًا فَأَشْعَرَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست