responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 274
الْآيَةِ الْآتِيَةِ فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ الْآيَة [الْأَحْزَاب: 24] .
وَقَدْ جَاءَ قَوْلُهُ: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيئِينَ مِيثَاقَهُمْ جَارِيًا عَلَى أُسْلُوبِ ابْتِدَاءِ كَثِيرٍ مِنْ قَصَصِ الْقُرْآنِ فِي افْتِتَاحِهَا بِ إِذْ عَلَى إِضْمَارِ (اذْكُرْ) . وإِذْ اسْمٌ لِلزَّمَانِ مُجَرَّدٌ عَنْ مَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ. فَالتَّقْدِيرُ: وَاذْكُرْ وَقْتًا، وَبِإِضَافَةِ إِذْ إِلَى الْجُمْلَةِ بَعْدَهُ يَكُونُ الْمَعْنَى: اذْكُرْ وَقْتَ أَخْذِنَا مِيثَاقًا عَلَى النَّبِيئِينَ. وَهَذَا الْمِيثَاقُ مُجْمَلٌ هُنَا بَيَّنَتْهُ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ. وَجِمَاعُهَا أَنْ يَقُولُوا الْحَقَّ وَيُبَلِّغُوا مَا أُمِرُوا بِهِ دُونَ مُلَايَنَةٍ لِلْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَلَا خَشْيَةٍ مِنْهُمْ، وَلَا مُجَارَاةٍ لِلْأَهْوَاءِ، وَلَا مُشَاطَرَةٍ مَعَ أَهْلِ الضَّلَالِ فِي الْإِبْقَاءِ عَلَى بَعْضِ ضَلَالِهِمْ. وَأَنَّ اللَّهَ وَاثَقَهُمْ وَوَعَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِالنَّصْرِ. وَلِمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ السُّورَةُ مِنَ الْأَغْرَاضِ مَزِيدُ التَّأَثُّرِ بِهَذَا الْمِيثَاقِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَدِيدُ الْمُشَابَهَةِ بِمَا أُخِذَ مِنَ الْمَوَاثِيقِ عَلَى الرُّسُلِ مِنْ قَبْلِهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ قَوْلُهُ تَعَالَى هُنَا: وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ [الْأَحْزَاب: 4] وَقَوْلُهُ فِي مِيثَاقِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [169] .
وَفِي تَعْقِيبِ أَمْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّقْوَى وَمُخَالَفَةِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَالتَّثْبِيتِ عَلَى اتِّبَاعِ مَا يُوحِي إِلَيْهِ، وَأَمْرِهِ بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ، وَجَعْلِهَا قَبْلَ قَوْلِهِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ
[الْأَحْزَاب: 9] إِلَخْ.. إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ التَّأْيِيدَ الَّذِي أَيَّدَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ إِذْ رَدَّ عَنْهُمْ أَحْزَابَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا مَا هُوَ إِلَّا أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْمِيثَاقِ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ حِينَ بَعَثَهُ.
وَالْمِيثَاقُ: اسْمُ الْعَهْدِ وَتَحْقِيقِ الْوَعْدِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ وَثِقَ، إِذَا أَيْقَنَ وَتَحَقَّقَ، فَهُوَ مَنْقُولٌ مِنِ اسْمِ آلَةٍ مَجَازًا غَلَبَ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [27] . وَإِضَافَةُ مِيثَاقٍ إِلَى ضَمِيرِ النَّبِيئِينَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى فَاعِلِهِ عَلَى مَعْنَى اخْتِصَاصِ الْمِيثَاقِ بِهِمْ فِيمَا أُلْزِمُوا بِهِ وَمَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ. وَيُضَافُ أَيْضًا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 274
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست