responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 276
ذِكْرُهَا بِأَنَّ لِهَذَا الْمِيثَاقِ عِلَلًا تَحْصُلُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ الصَّادِقُونَ عَنْ صِدْقِهِمْ، وَهِيَ مَا فِي الْأَعْمَالِ الْمَأْخُوذِ مِيثَاقُهُمْ عَلَيْهَا مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ، وَذَلِكَ هُوَ مَا يُسْأَلُ الْعَامِلُونَ عَنْ عَمَلِهِ مِنْ خَيْرٍ وَشر.
وَضمير لِيَسْئَلَ عَائِدٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ مِنَ التَّكَلُّمِ إِلَى الْغَيْبَةِ.
وَالْمُرَادُ بِالصَّادِقِينَ أُمَمُ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ بَلَغَهُمْ مَا أُخِذَ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ مِنَ الْمِيثَاقِ، وَيُقَابِلُهُمُ الْكَافِرُونَ الَّذِينَ كَذَّبُوا أَنْبِيَاءَهُمْ أَوِ الَّذِينَ صَدَّقُوهُمْ ثُمَّ نَقَضُوا الْمِيثَاقَ مِنْ بَعْدِ، فَيَشْمَلُهُمُ اسْمُ الْكَافِرِينَ.
وَالسُّؤَالُ: كِنَايَةٌ عَنِ الْمُؤَاخَذَةِ لِأَنَّهَا مِنْ ثَوَابِ جَوَابِ السُّؤَال أَعنِي إسداء الثَّوَابِ لِلصَّادِقِينَ وَعَذَابَ الْكَافِرِينَ، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى لَا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ [الْأَنْبِيَاء: 23] ، أَيْ: لَا يَتَعَقَّبُ أَحَدٌ فِعْلَهُ وَلَا يُؤَاخِذُهُ عَلَى مَا لَا يُلَائِمُهُ، وَقَوْلُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
وَقِيلَ: إِنَّك مَنْسُوب ومسؤول وَجُمْلَةُ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَطْفٌ على جملَة لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ وَغُيِّرَ فِيهَا الْأُسْلُوبُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَحْقِيقِ عَذَابِ الْكَافِرِينَ حَتَّى لَا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُمْ يُسْأَلُونَ سُؤَالَ مَنْ يُسْمَعُ جَوَابُهُمْ أَوْ مَعْذِرَتُهُمْ، وَلِإِفَادَةِ أَنَّ إِعْدَادَ عَذَابِهِمْ أَمْرٌ مَضَى وَتَقَرَّرَ فِي علم الله.
[9]

[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 9]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (9)
ابْتِدَاءٌ لِغَرَضٍ عَظِيمٍ مِنْ أَغْرَاضِ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ وَالَّذِي حُفَّ بِآيَاتٍ وَعِبَرٍ مِنِ ابْتِدَائِهِ وَمِنْ عَوَاقِبِهِ تَعْلِيمًا لِلْمُؤْمِنِينَ وَتَذْكِيرًا لِيَزِيدَهُمْ يَقِينًا وَتَبْصِيرًا. فَافْتُتِحَ الْكَلَامُ بِتَوْجِيهِ الْخِطَابِ إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ أَهْلُهُ وَأَحِقَّاءُ بِهِ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَخْلِيدَ كَرَامَتِهِمْ وَيَقِينِهِمْ وَعِنَايَةَ اللَّهِ بِهِمْ وَلُطْفَهُ لَهُمْ وَتَحْقِيرًا لِعَدُوِّهِمْ وَمَنْ يَكِيدُ لَهُمْ، وَأُمِرُوا أَنْ يَذْكُرُوا هَذِهِ النِّعْمَةَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست