responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 396
وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ لَهُنَّ عَائِدًا إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ (الْمُطَلَّقَاتُ) ، عَلَى نَسَقِ الضَّمَائِرِ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَاتِ لَمْ تَبْقَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الرِّجَالِ عَلَقَةٌ حَتَّى يَكُونَ لَهُنَّ حُقُوقٌ وَعَلَيْهِنَّ حُقُوقٌ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ لَهُنَّ ضَمِيرَ الْأَزْوَاجِ النِّسَاءِ اللَّائِي اقْتَضَاهُنَّ قَوْلُهُ بِرَدِّهِنَّ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ. فَالْمُرَادُ بِالرِّجَالِ فِي قَوْلِهِ:
وَلِلرِّجالِ الْأَزْوَاجُ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَلِرِجَالِهِنَّ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ. وَالرَّجُلُ إِذَا أُضِيفَ إِلَى الْمَرْأَةِ، فَقِيلَ: رَجُلُ فُلَانَةَ، كَانَ بِمَعْنَى الزَّوْجِ، كَمَا يُقَالُ لِلزَّوْجَةِ: امْرَأَةُ فُلَانٍ، قَالَ تَعَالَى:
وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ [هود: 71]- إِلَّا امْرَأَتَكَ [هود: 81] .
وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَى النِّسَاءِ فِي قَوْله تَعَالَى لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ [الْبَقَرَة:
226] بِمُنَاسَبَةِ أَنَّ الْإِيلَاءَ مِنَ النِّسَاءِ هَضْمٌ لِحُقُوقِهِنَّ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ، فَجَاءَ هَذَا الْحُكْمُ الْكُلِّيُّ عَلَى ذَلِكَ السَّبَبِ الْخَاصِّ لِمُنَاسَبَةٍ فَإِنَّ الْكَلَامَ تَدَرَّجَ مِنْ ذِكْرِ النِّسَاءِ اللَّائِي فِي الْعِصْمَةِ، حِينَ ذَكَرَ طَلَاقَهُنَّ بِقَوْلِهِ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ [الْبَقَرَة: 227] ، إِلَى ذِكْرِ الْمُطَلَّقَاتِ
بِتِلْكَ الْمُنَاسَبَةِ، وَلَمَّا اخْتَتَمَ حُكْمَ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ صَارَ أُولَئِكَ النِّسَاءُ الْمُطَلَّقَاتُ زَوْجَاتٍ، فَعَادَ الضَّمِيرُ إِلَيْهِنَّ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْوَصْفِ الْجَدِيدِ، الَّذِي هُوَ الْوَصْفُ الْمُبْتَدَأُ بِهِ فِي الْحُكْمِ، فَكَانَ فِي الْآيَةِ ضَرْبٌ مِنْ رَدِّ الْعَجُزِ عَلَى الصَّدْرِ، فَعَادَتْ إِلَى أَحْكَامِ الزَّوْجَاتِ بِأُسْلُوبٍ عَجِيبٍ وَالْمُنَاسَبَةُ أَنَّ فِي الْإِيلَاءِ مِنَ النِّسَاءِ تَطَاوُلًا عَلَيْهِنَّ، وَتَظَاهُرًا بِمَا جَعَلَ اللَّهُ لِلزَّوْجِ مِنْ حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي الْعِصْمَةِ، فَنَاسَبَ أَنْ يُذَكَّرُوا بِأَنَّ لِلنِّسَاءِ مِنَ الْحَقِّ مِثْلَ مَا لِلرِّجَالِ.
وَفِي الْآيَةِ احْتِبَاكٌ، فَالتَّقْدِيرُ: وَلَهُنَّ عَلَى الرِّجَالِ مِثْلُ الَّذِي لِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ، فَحَذَفَ مِنَ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الْآخِرِ، وَبِالْعَكْسِ. وَكَانَ الِاعْتِنَاءُ بِذِكْرِ مَا لِلنِّسَاءِ مِنَ الْحُقُوقِ عَلَى الرِّجَالِ، وَتَشْبِيهِهِ بِمَا لِلرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ لِأَنَّ حُقُوقَ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ مَشْهُورَةٌ، مُسَلَّمَةٌ مِنْ أَقْدَمِ عُصُورِ الْبَشَرِ، فَأَمَّا حُقُوقُ النِّسَاءِ فَلَمْ تَكُنْ مِمَّا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ أَوْ كَانَتْ مُتَهَاوَنًا بِهَا، وَمَوْكُولَةً إِلَى مِقْدَارِ حُظْوَةِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ زَوْجِهَا، حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَامُ فَأَقَامَهَا. وَأَعْظَمُ مَا أُسِّسَتْ بِهِ هُوَ مَا جَمَعَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 396
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست