responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 395
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ وَعَطَاءٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ. وَأَحْسَبُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَائِلُونَ بِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَ الْمُطَلِّقِ ومطلقته الرَّجْعِيَّة.
و (أَحَق) قِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ مَسْلُوبُ الْمُفَاضَلَةِ، أَتَى بِهِ لِإِفَادَةِ قُوَّةِ حَقِّهِمْ، وَذَلِكَ مِمَّا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ صِيغَةُ أَفْعَلُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ [العنكبوت: 45] لَا سِيَّمَا إِنْ لَمْ يُذْكَرْ بَعْدَهَا مُفَضَّلٌ عَلَيْهِ بِحَرْفِ مِنْ، وَقِيلَ: هُوَ تَفْضِيلٌ عَلَى بَابِهِ، وَالْمُفَضَّلُ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ، أَشَارَ إِلَيْهِ فِي «الْكَشَّافِ» ، وَقَرَّرَهُ التَّفْتَازَانِيُّ بِمَا تَحْصِيلُهُ وَتَبْيِينُهُ: أَنَّ التَّفْضِيلَ بَيْنَ صِنْفَيْ حَقٍّ مُخْتَلِفَيْنِ بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ: هُمَا حَقُّ الزَّوْجِ فِي الرَّجْعَةِ إِنْ رَغِبَ فِيهَا، وَحَقُّ الْمَرْأَةِ فِي الِامْتِنَاعِ مِنَ الْمُرَاجَعَةِ إِنْ أَبَتْهَا، فَصَارَ الْمَعْنَى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّ الْمُطَلَّقَاتِ، مِنْ حَقِّ الْمُطَلَّقَاتِ بِالِامْتِنَاعِ وَقَدْ نَسَجَ التَّرْكِيبَ عَلَى طَرِيقَةِ الْإِيجَازِ.
وَقَوْلُهُ: فِي ذلِكَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ إِلَى التَّرَبُّصِ بِمَعْنَى مُدَّتِهِ، أَيْ لِلْبُعُولَةِ حَقُّ الْإِرْجَاعِ فِي مُدَّةِ الْقُرُوءِ الثَّلَاثَةِ، أَيْ لَا بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مَفْهُومُ الْقَيْدِ. هَذَا تَقْرِيرُ مَعْنَى
الْآيَةِ، عَلَى أَنَّهَا جَاءَتْ لِتَشْرِيعِ حُكْمِ الْمُرَاجَعَةِ فِي الطَّلَاقِ مَا دَامَتِ الْعِدَّةُ، وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُجَرَّدَ تَشْرِيعٍ لِلْمُرَاجَعَةِ بَلِ الْآيَةُ جَامِعَةٌ لِأَمْرَيْنِ: حُكْمِ الْمُرَاجَعَةِ، وَتَحْضِيضِ الْمُطَلِّقِينَ عَلَى مُرَاجَعَةِ الْمُطَلَّقَاتِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُتَفَارِقَيْنِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِكِلَيْهِمَا، رَغْبَةٌ فِي الرُّجُوعِ، فَاللَّهُ يُعْلِمُ الرِّجَالَ بِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِأَنْ يَرْغَبُوا فِي مُرَاجَعَةِ النِّسَاءِ، وَأَنْ يَصْفَحُوا عَنِ الْأَسْبَابِ الَّتِي أَوْجَبَتِ الطَّلَاقَ لِأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ مَظِنَّةُ الْبَصِيرَةِ وَالِاحْتِمَالِ، وَالْمَرْأَةُ أَهْلُ الْغَضَبِ وَالْإِبَاءِ.
وَالرَّدُّ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ [الْبَقَرَة: 217] وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الرُّجُوعُ إِلَى الْمُعَاشَرَةِ وَهُوَ الْمُرَاجَعَةُ، وَتَسْمِيَةُ الْمُرَاجَعَةِ رَدًّا يُرَجِّحُ أَنَّ الطَّلَاقَ قَدِ اعْتُبِرَ فِي الشَّرْعِ قَطْعًا لِعِصْمَةِ النِّكَاحِ، فَهُوَ إِطْلَاقٌ حَقِيقِيٌّ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقُوهُ فَتَأَوَّلُوا التَّعْبِيرَ بِالرَّدِّ بِأَنَّ الْعِصْمَةَ فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ سَائِرَةٌ فِي سَبِيلِ الزَّوَالِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَسُمِّيَتِ الْمُرَاجَعَةُ رَدًّا عَنْ هَذَا السَّبِيلِ الَّذِي أَخَذْتُ فِي سُلُوكِهِ وَهُوَ رَدٌّ مَجَازِيٌّ.
وَقَوْلُهُ: إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً شَرْطٌ قُصِدَ بِهِ الْحَثُّ عَلَى إِرَادَةِ الْإِصْلَاحِ، وَلَيْسَ هُوَ للتَّقْيِيد.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 395
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست