responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 397
وَتَقْدِيمُ الظَّرْفِ لِلِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي لَا يَتَوَقَّعُهَا السَّامِعُونَ، فَقُدِّمَ لِيُصْغِيَ السَّامِعُونَ إِلَى الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أُخِّرَ فَقِيلَ: وَمِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ لَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَفِي هَذَا إِعْلَانٌ لِحُقُوقِ النِّسَاءِ، وَإِصْدَاعٌ بِهَا وَإِشَادَةٌ بِذِكْرِهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُتَلَقَّى بِالِاسْتِغْرَابِ، فَلِذَلِكَ كَانَ مَحَلَّ الِاهْتِمَامِ. ذَلِكَ أَنَّ حَالَ الْمَرْأَةِ إِزَاءَ الرَّجُلِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، كَانْتُ زَوْجَةً أَمْ غَيْرَهَا، هِيَ حَالَةٌ كَانَتْ مُخْتَلِطَةً بَيْنَ مَظْهَرِ كَرَامَةٍ وَتَنَافُسٍ عِنْدَ الرَّغْبَةِ، وَمَظْهَرِ اسْتِخْفَافٍ وَقِلَّةِ إِنْصَافٍ، عِنْدَ الْغَضَبِ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَنَاشِئٌ عَمَّا جُبِلَ عَلَيْهِ الْعَرَبِيُّ مِنَ الْمَيْلِ إِلَى الْمَرْأَةِ وَصِدْقِ الْمَحَبَّةِ، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ مَطْمَحَ نَظَرِ الرَّجُلِ، وَمَحَلَّ تَنَافُسِهِ، رَغْبَةً فِي الْحُصُولِ عَلَيْهَا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمُعَاشَرَةِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَهُمْ، وَكَانَتِ الزَّوْجَةُ مَرْمُوقَةً مِنَ الزَّوْجِ بِعَيْنِ الِاعْتِبَارِ وَالْكَرَامَةِ قَالَ شَاعِرُهُمْ وَهُوَ مُرَّةُ بْنُ مَحْكَانَ السَّعْدِيُّ:
يَا رَبَّةَ الْبَيْتِ قُومِي غَيْرَ صَاغِرَةٍ ... ضُمِّي إِلَيْكِ رِحَالَ الْقَوْمِ وَالْقِرَبَا
فَسَمَّاهَا رَبَّةَ الْبَيْتِ وَخَاطَبَهَا خِطَابَ الْمُتَلَطِّفِ حِينَ أَمَرَهَا فَأَعْقَبَ الْأَمْرَ بِقَوْلِهِ غَيْرَ صَاغِرَةٍ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَالرَّجُلُ مَعَ ذَلِكَ يَرَى الزَّوْجَةَ مَجْعُولَةً لِخِدْمَتِهِ فَكَانَ إِذَا غَاضَبَهَا أَوْ نَاشَزَتْهُ، رُبَّمَا اشْتَدَّ مَعَهَا فِي خُشُونَةِ الْمُعَامَلَةِ، وَإِذا تخَالف رأياهما أَرْغَمَهَا عَلَى مُتَابَعَتِهِ،
بِحَقٍّ أَوْ بِدُونِهِ، وَكَانَ شَأْنُ الْعَرَبِ فِي هَذَيْنِ الْمَظْهَرَيْنِ مُتَفَاوِتًا بِحَسَبِ تَفَاوُتِهِمْ فِي الْحَضَارَةِ وَالْبَدَاوَةِ، وَتَفَاوُتِ أَفْرَادِهِمْ فِي الْكِيَاسَةِ وَالْجَلَافَةِ، وَتَفَاوُتِ حَالِ نِسَائِهِمْ فِي الِاسْتِسْلَامِ وَالْإِبَاءِ وَالشَّرَفِ وَخِلَافِهِ.
رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الْأَنْصَارِ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَطَفِقَ نساؤنا يَأْخُذن مِنْ أَدَبِ الْأَنْصَارِ فَصَخِبْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي قَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَن أراجعك فو الله إِن أَزوَاج النَّبِي لِيُرَاجِعْنَهُ وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ فَرَاعَنِي ذَلِكَ وَقُلْتُ: قَدْ خَابَتْ مَنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ مِنْهُنَّ ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَنَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا: أَيْ حَفْصَةُ أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ النَّبِيءَ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ فَقُلْتُ: قَدْ خِبْتِ وَخَسِرْتِ» الْحَدِيثَ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ «كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا نَعُدُّ النِّسَاءَ شَيْئًا فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ، وَذَكَرَهُنَّ اللَّهُ رَأَيْنَا لَهُنَّ بِذَلِكَ عَلَيْنَا حَقًّا مِنْ غَيْرِ أَنْ نُدْخِلَهُنَّ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِنَا» وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ صَدْرًا لِمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهُوَ قَوْلُهُ: «كُنَّا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 397
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست