responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 377
وَالْعُرْضَةُ اسْمٌ عَلَى وَزْنِ الْفُعْلَةِ وَهُوَ وَزْنٌ دَالٌّ عَلَى الْمَفْعُولِ كَالْقُبْضَةِ وَالْمُسْكَةِ وَالْهُزْأَةِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ عَرَضَهُ إِذَا وَضَعَهُ عَلَى الْعُرْضِ أَيِ الْجَانِبِ، وَمَعْنَى الْعَرْضِ هُنَا جَعْلُ الشَّيْءِ حَاجِزًا مِنْ قَوْلِهِمْ عَرَضَ الْعُودَ عَلَى الْإِنَاءِ فَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ إِطْلَاقُ الْعُرْضَةِ عَلَى الْحَاجِزِ الْمُتَعَرِّضِ، وَهُوَ إِطْلَاقٌ شَائِعٌ يُسَاوِي الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ، وَأُطْلِقَتْ عَلَى مَا يَكْثُرُ جَمْعُ النَّاسِ حَوْلَهُ فَكَأَنَّهُ يَعْتَرِضُهُمْ عَنِ الِانْصِرَافِ وَأَنْشَدَ فِي «الْكَشَّافِ» :
وَلَا تَجْعَلُونِي عُرْضَةً لِلَّوَائِمِ [1] وَالْآيَةُ تَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ.
وَاللَّام فِي قَوْله: لِأَيْمانِكُمْ لَامُ التَّعْدِيَة تتَعَلَّق بعرضة لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ:
أَيْ تَجْعَلُوا اسْمَ اللَّهِ مُعَرَّضًا لِأَيْمَانِكُمْ فَتَحْلِفُوا بِهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاحِ ثُمَّ تَقُولُوا سَبَقَتْ مِنَّا يَمِينٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ: أَيْ لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَجْلِ أَيْمَانِكُمُ الصَّادِرَةِ عَلَى أَلَّا تَبَرُّوا.
وَالْأَيْمَانُ جَمْعُ يَمِينٍ وَهُوَ الْحَلِفُ سُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا أَخْذًا مِنَ الْيَمِينِ الَّتِي هِيَ إِحْدَى الْيَدَيْنِ وَهِيَ الْيَدُ الَّتِي يَفْعَلُ بِهَا الْإِنْسَانُ مُعْظَمَ أَفْعَالِهِ، وَهِيَ اشْتُقَّتْ مِنَ الْيُمْنِ وَهُوَ الْبَرَكَةُ، لِأَنَّ الْيَدَ الْيُمْنَى يَتَيَسَّرُ بِهَا الْفِعْلُ أَحْسَنَ مِنَ الْيَدِ الْأُخْرَى، وَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا لِأَنَّ الْعَرَبَ
كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ إِذَا تَحَالَفُوا أَنْ يُمْسِكَ الْمُتَحَالِفَانِ أَحَدُهُمَا بِالْيَدِ الْيُمْنَى مِنَ الْآخَرِ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الْفَتْح: 10] فَكَانُوا يَقُولُونَ أَعْطَى يَمِينَهُ، إِذَا أَكَّدَ الْعَهْدَ. وَشَاعَ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
حَتَّى وَضَعْتُ يَمِينِي لَا أُنَازِعُهُ ... فِي كَفِّ ذِي يَسَرَاتِ قِيلُهُ الْقِيلُ
ثُمَّ اخْتَصَرُوا فَقَالُوا صَدَرَتْ مِنْهُ يَمِينٌ أَوْ حَلَفَ يَمِينًا، فَتَسْمِيَةُ الْحَلِفِ يَمِينًا مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مُقَارِنِهِ الْمُلَازِمِ لَهُ، أَوْ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَكَانِهِ كَمَا سَمَّوُا الْمَاءَ وَادِيًا وَإِنَّمَا الْمَحَلُّ فِي هَذِهِ التَّسْمِيَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَحَلٌّ تَخْيِيلِيٌّ.
وَلَمَّا كَانَ غَالِبُ أَيْمَانِهِمْ فِي الْعُهُودِ وَالْحَلِفِ، وَهُوَ الَّذِي يَضَعُ فِيهِ الْمُتَعَاهِدُونَ أَيْدِيَهُمْ

[1] قَالَ الطَّيِّبِيّ والتفتازاني أَوله:
دَعونِي أنح وجدا لنوح الحمائم
وَلم ينسباه. [.....]
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 377
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست