responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 376
قِرْبَانِ الْأَزْوَاجِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ، وَكَوْنِ مَضْمُونِ هَذِه الْجُمْلَة تمهيدا لجملة لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ [الْبَقَرَة: 226] ، فَوَقَعَ هَذَا التَّمْهِيدُ مَوْقِعَ الِاعْتِرَاضِ بَيْنَ جُمْلَةِ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ، وَجُمْلَةِ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ وَسُلِكَ فِيهِ طَرِيقُ الْعَطْفِ لِأَنَّهُ نَهْيٌ عُطِفَ عَلَى نَهْيٍ فِي قَوْلِهِ: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [الْبَقَرَة: 222] .
وَقَالَ التَّفْتَازَانِيُّ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيِ امْتَثِلُوا مَا أَمَرْتُ بِهِ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً اهـ. وَفِيهِ تَكَلُّفٌ وَخُلُوٌّ عَنْ إِبْدَاءِ الْمُنَاسَبَةِ، وَجَوَّزَ التَّفْتَازَانِيُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْأَوَامِرِ السَّابِقَةِ وَهِي وَقَدِّمُوا [الْبَقَرَة: 223] وَاتَّقُوا [الْبَقَرَة: 223] وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ [الْبَقَرَة: 223] اهـ أَيْ فَالْمُنَاسَبَةُ أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِاسْتِحْضَارِ يَوْمِ لِقَائِهِ بَيَّنَ لَهُمْ شَيْئًا مِنَ التَّقْوَى دَقِيقِ الْمَسْلَكِ شَدِيدِ الْخَفَاءِ وَهُوَ التَّقْوَى بِاحْتِرَامِ الِاسْمِ الْمُعَظَّمِ فَإِنَّ التَّقْوَى مِنَ الْأَحْدَاثِ الَّتِي إِذَا تَعَلَّقَتْ بِالْأَسْمَاءِ كَانَ مُفَادُهَا التَّعَلُّقَ بِمُسَمَّى الِاسْمِ لَا بِلَفْظِهِ، لِأَنَّ الْأَحْكَامَ اللَّفْظِيَّةَ إِنَّمَا تَجْرِي عَلَى الْمَدْلُولَاتِ إِلَّا إِذَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى تَعَلُّقِهَا بِالْأَسْمَاءِ مِثْلُ سَمَّيْتُهُ مُحَمَّدًا، فَجِيءَ بِهَذِهِ الْآيَةِ لِبَيَانِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ وَاتِّقَائِهِ فِي حُرْمَةِ أَسْمَائِهِ عِنْدَ الْحِنْثِ مَعَ بَيَانِ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنِ الْحِنْثِ، أَوْ لِبَيَانِ التَّحْذِيرِ مِنْ تَعْرِيضِ اسْمِهِ تَعَالَى لِلِاسْتِخْفَافِ بِكَثْرَةِ الْحَلِفِ حَتَّى لَا يُضْطَرَّ إِلَى الْحِنْثِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْآتِيَيْنِ، وَبَعْدَ هَذَا التَّوْجِيهِ كُلِّهِ فَهُوَ يَمْنَعُ مِنْهُ أَنَّ مَجِيءَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ [الْبَقَرَة: 223] مَجِيءَ التَّذْيِيلِ لِلْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ مَانِعٌ مِنِ اعْتِبَارِ أَنْ يُعْطَفَ عَلَيْهِ حُكْمٌ مُعْتَدٌّ بِهِ، لِأَنَّهُ يَطُولُ بِهِ التَّذْيِيلُ وَشَأْنُ التَّذْيِيلِ الْإِيجَازُ.
وَقَالَ عَبْدُ الْحَكِيمِ: مَعْطُوفٌ عَلَى جملَة قُلْ [الْبَقَرَة: 222] بِتَقْدِيرِ قُلْ أَيْ: وَقُلْ لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً أَوْ عَلَى قَوْله: وَقَدِّمُوا [الْبَقَرَة: 223] إِنْ جَعَلَ قَوْلَهُ: وَقَدِّمُوا مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِ قُلْ.
وَذَكَرَ جَمْعٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ إِنَّهَا نَزَلَتْ حِينَ حَلَفَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَلَّا يُنْفِقَ عَلَى قَرِيبِهِ مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِمُشَارَكَتِهِ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِخَبَرِ الْإِفْكِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا، وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ عَنِ الْكَلْبِيِّ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ حَلَفَ أَلَّا يُكَلِّمَ خَتَنَهُ عَلَى أُخْتِهِ بَشِيرَ بْنَ النُّعْمَانِ وَلَا يَدْخُلَ بَيْتَهُ وَلَا يُصْلِحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَوَاوُ الْعَطْفِ لَا بُدَّ أَنْ تَرْبُطَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ بِشَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي قبلهَا.
وَتَعْلِيق الْجَعْلِ بِالذَّاتِ هُنَا هُوَ عَلَى مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِالِاسْمِ، فَالتَّقْدِيرُ: وَلَا تَجْعَلُوا اسْمَ اللَّهِ، وَحُذِفَ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِي مِثْلِهِ عِنْدَ قِيَامِ الْقَرِينَةِ لِظُهُورِ عَدَمِ صِحَّةِ تُعَلُّقِ الْفِعْلِ بِالْمُسَمَّى كَقَوْلِ النَّابِغَةِ:
حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً ... وَلَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ لِلْمَرْءِ مَذْهَبُ
أَيْ وَلَيْسَ بَعْدَ اسْمِ اللَّهِ لِلْمَرْءِ مَذْهَبٌ لِلْحَلِفِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 376
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست