responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 240
لِأَنَّ الْمُزْدَلِفَةَ هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يُفِيضُ مِنْهُ النَّاسُ بَعْدَ إِفَاضَةِ عَرَفَاتٍ، فَذَلِكَ حِوَالَةٌ عَلَى مَا يَعْلَمُونَهُ.
وَ (الْمَشْعَرُ) اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الشُّعُورِ أَيِ الْعِلْمِ، أَوْ مِنَ الشِّعَارِ أَيِ الْعَلَامَةِ، لِأَنَّهُ أُقِيمَتْ فِيهِ عَلَامَةٌ كَالْمَنَارِ مِنْ عَهْدِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَعَلَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَاتٍ آخِرَ الْمَسَاءِ فَيُدْرِكُهُمْ غُبْسُ مَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَهُمْ جَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ فَخَشُوا أَنْ يَضِلُّوا الطَّرِيقَ فَيَضِيقُ عَلَيْهِمُ الْوَقْتُ.
وصف الْمَشْعَرَ بِوَصْفِ (الْحَرَامِ) لِأَنَّهُ مِنْ أَرْضِ الْحَرَمِ بِخِلَافِ عَرَفَاتٍ.
وَالْمَشْعَرُ الْحَرَامُ هُوَ (الْمُزْدَلِفَةُ) ، سُمِّيَتْ مُزْدَلِفَةَ لِأَنَّهَا ازْدَلَفَتْ مِنْ مِنًى أَيِ اقْتَرَبَتْ لِأَنَّهُمْ يَبِيتُونَ بِهَا قَاصِدِينَ التَّصْبِيحَ فِي مِنًى. وَيُقَالُ لِلْمُزْدَلِفَةِ أَيْضًا (جَمْعٌ) لِأَنَّ جَمِيعَ الْحَجِيجِ يَجْتَمِعُونَ فِي الْوُقُوفِ بِهَا، الْحُمْسُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ عَهْدِ الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
فَبَاتَ بِجَمْعٍ ثُمَّ رَاحَ إِلَى مِنًى ... فَأَصْبَحَ رَادًّا يَبْتَغِي الْمَزْجَ بِالسَّحْلِ (1)
فَمَنْ قَالَ: إِنَّ تَسْمِيَتَهَا جَمْعًا لِأَنَّهَا يُجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ فَقَدْ غَفَلَ عَنْ كَوْنِهِ اسْمًا مِنْ عَهْدِ مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ.
وَتُسَمَّى الْمُزْدَلِفَةُ أَيْضًا (قُزَحَ) - بِقَافٍ مَضْمُومَةٍ وَزَايٍ مَفْتُوحَةٍ مَمْنُوعًا مِنَ الصَّرْفِ-، بِاسْمِ قَرْنِ جَبَلٍ بَيْنَ جِبَالٍ مِنْ طَرَفِ مُزْدَلِفَةَ وَيُقَالُ لَهُ: الْمِيقَدَةُ لِأَنَّ الْعَرَبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ النِّيرَانَ، وَهُوَ مَوْقِفُ قُرَيْشٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَوْقِفُ الْإِمَامِ فِي الْمُزْدَلِفَةِ عَلَى قُزَحَ. رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَصْبَحَ بِجَمْعٍ أَتَى قُزَحَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: هَذَا قُزَحُ وَهُوَ الْمَوْقِفُ وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ.
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الْمَبِيتَ سُنَّةٌ وَأَمَّا النُّزُولُ حِصَّةً فَوَاجِبٌ. وَذَهَبَ عَلْقَمَةُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِمُزْدَلِفَةَ رُكْنٌ مِنَ الْحَجِّ فَمَنْ فَاتَهُ بَطَلَ حَجُّهُ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ.

(1) من أَبْيَات يصف فِيهَا رجلا فِي الْحَج طلب أَن يَشْتَرِي عسلا من منى والراد الطَّالِب، والمزج من أَسمَاء الْعَسَل، والسحل النَّقْد وَأطْلقهُ فِي الْبَيْت على الدَّرَاهِم المنقودة من الْوَصْف بِالْمَصْدَرِ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست