responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 239
النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِبًا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَبُنِيَ فِي أَعْلَى ذَلِكَ الْجُبَيْلِ عَلَمٌ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وقف فِيهِ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَيَقِفُ الْأَئِمَّةُ يَوْمَ عَرَفَةَ عِنْدَهُ.
وَلَا يُدْرَى وَجْهُ اشْتِقَاقٍ فِي تَسْمِيَةِ الْمَكَانِ عَرَفَاتٍ أَوْ عَرَفَةَ، وَلَا أَنَّهُ عَلَمٌ مَنْقُولٌ أَوْ مُرْتَجَلٌ، وَالَّذِي اخْتَارَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّهُ عَلَمٌ مُرْتَجَلٌ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَحَدَ
الِاسْمَيْنِ أَصْلٌ وَالْآخَرَ طَارِئٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْأَصْلَ (عَرَفَاتٌ) مِنَ الْعَرَبِيَّةِ الْقَدِيمَةِ وَأَنَّ عَرَفَةَ تَخْفِيفٌ جَرَى عَلَى الْأَلْسِنَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ (عَرَفَةَ) وَأَنَّ عَرَفَاتٍ إِشْبَاعٌ مِنْ لُغَةِ بَعْضِ الْقَبَائِلِ.
وَذِكْرُ (عَرَفَاتٍ) بِاسْمِهِ فِي الْقُرْآنِ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ رُكْنُ الْحَجِّ
وَقَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْحَجُّ عَرَفَةُ»
. سُمِّيَ الْمَوْضِعُ عَرَفَاتٍ الَّذِي هُوَ عَلَى زِنَةِ الْجَمْعِ بِأَلِفٍ وَتَاءٍ فَعَامَلُوهُ مُعَامَلَةَ الْجَمْعِ بِأَلِفٍ وَتَاءٍ وَلَمْ يَمْنَعُوهُ الصَّرْفَ مَعَ وُجُودِ الْعَلَمِيَّةِ. وَجَمْعُ الْمُؤَنَّثِ لَا يُمْنَعُ مِنَ الصَّرْفِ لِأَنَّ الْجَمْعَ يُزِيلُ مَا فِي الْمُفْرِدِ مِنَ الْعِلْمِيَّةِ إِذِ الْجَمْعُ بِتَقْدِيرِ مُسَمَّيَاتٍ بِكَذَا، فَمَا جُمِعَ إِلَّا بَعْدَ قَصْدِ تَنْكِيرِهِ، فَالتَّأْنِيثُ الَّذِي يَمْنَعُ الصَّرْفَ مَعَ الْعِلْمِيَّةِ أَوِ الْوَصْفِيَّةِ هُوَ التَّأْنِيثُ بِالْهَاءِ.
وَذِكْرُ الْإِفَاضَةِ مِنْ (عَرَفَاتٍ) يَقْتَضِي سَبْقَ الْوُقُوفِ بِهِ لِأَنَّهُ لَا إِفَاضَةَ إِلَّا بَعْدَ الْحُلُولِ بِهَا، وَذِكْرُ (عَرَفَاتٍ) بِاسْمِهِ تَنْوِيهٌ بِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِهِ رُكْنٌ فَلَمْ يُذَكَرْ مِنَ الْمَنَاسِكِ بِاسْمِهِ غَيْرُ عَرَفَةَ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمَا مِنَ الْأَرْكَانِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَيُؤْخَذُ رُكْنُ الْإِحْرَامِ مِنْ قَوْلِهِ: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ [الْبَقَرَة:
197] ، وَأَمَّا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ.
وَ (مِنِ) ابْتِدَائِيَّةٌ.
وَالْمَعْنَى فَإِذَا أَفَضْتُمْ خَارِجِينَ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ.
وَالتَّصْرِيحُ بَاسِمِ (عَرَفَاتٍ) فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِلرَّدِّ عَلَى قُرَيْشٍ إِذْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقِفُونَ فِي (جَمْعٍ) وَهُوَ الْمُزْدَلِفَةُ لِأَنَّهُمْ حُمْسٌ، فَيَرَوْنَ أَنَّ الْوُقُوفَ لَا يَكُونُ خَارِجَ الْحَرَمِ، وَلَمَّا كَانَتْ مُزْدَلِفَةُ مِنَ الْحَرَمِ كَانُوا يَقِفُونَ بِهَا وَلَا يَرْضَوْنَ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، لِأَنَّ عَرَفَةَ مِنَ الْحِلِّ كَمَا سَيَأْتِي، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ تَعَالَى الْمُزْدَلِفَةَ فِي الْإِفَاضَةِ الثَّانِيَةِ بِاسْمِهَا وَقَالَ:
مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست