responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 241
وَقَدْ كَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُفِيضُونَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ حَتَّى يُجِيزَهُمْ أَحَدُ (بَنِي صُوفَةَ) وَهُمْ بَنُو الْغَوْثِ بْنِ مُرِّ بْنِ أَدِّ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرٍ وَكَانَتْ أُمُّهُ جُرْهُمِيَّةً، لُقِّبَ الْغَوْثُ بِصُوفَةَ لِأَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ لَا تَلِدُ فَنَذَرَتْ إِنْ هِيَ وَلَدَتْ ذَكَرًا أَنْ تَجْعَلَهُ لِخِدْمَةِ الْكَعْبَةِ فَوَلَدَتِ الْغَوْثَ وَكَانُوا يَجْعَلُونَ صُوفَةً يَرْبُطُونَ بِهَا شَعْرَ رَأْسِ الصَّبِيِّ الَّذِي يَنْذُرُونَهُ لِخِدْمَةِ الْكَعْبَةِ وَتُسَمَّى الرَّبِيطَ، فَكَانَ الْغَوْثُ يَلِي أَمْرَ الْكَعْبَةِ مَعَ أَخْوَالِهِ مِنْ جُرْهُمَ فَلَمَّا غَلَبَ قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ عَلَى الْكَعْبَةِ جَعَلَ الْإِجَازَةَ لِلْغَوْثِ ثُمَّ بَقِيَتْ فِي بَنِيهِ حَتَّى انْقَرَضُوا، وَقِيلَ إِنَّ الَّذِي جَعَلَ أَبْنَاءَ الْغَوْثِ لِإِجَازَةِ الْحَاجِّ هُمْ مُلُوكُ كِنْدَةَ، فَكَانَ الَّذِي يُجِيزُ بِهِمْ مِنْ عَرَفَة يَقُول:
لَا همّ إِنِّي تَابِعٌ تِبَاعَهْ ... إِنْ كَانَ إِثْمٌ فَعَلَى قُضَاعَهْ
لِأَنَّ قُضَاعَةَ كَانَتْ تُحِلُّ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ، وَلَمَّا انْقَرَضَ أَبْنَاءُ صُوفَةَ صَارَتِ الْإِجَازَةُ لِبَنِي سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاءَةَ بْنِ تَمِيمٍ وَرِثُوهَا بِالْقُعْدُدِ فَكَانَتْ فِي آلِ صَفْوَانَ مِنْهُمْ وَجَاءَ الْإِسْلَامُ وَهِيَ بَيْدِ كِرِبِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ أَوْسُ بْنُ مَغْرَاءَ:
لَا يَبْرَحُ النَّاسُ مَا حَجُّوا مُعَرَّفَهُمْ ... حَتَّى يُقَالَ أَجِيزُوا آلَ صَفْوَانَا
وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ.
الْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي أَنَّ الذِّكْرَ الْمَأْمُورَ بِهِ هُنَا غَيْرُ الذِّكْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي قَوْلِهِ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ فَيَكُونُ هَذَا أَمْرًا بِالذِّكْرِ عَلَى الْعُمُومِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِذِكْرٍ خَاصٍّ فَهُوَ فِي مَعْنَى التَّذْيِيلِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالذِّكْرِ الْخَاصِّ فِي الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ هُوَ قَوْلَهُ: كَما هَداكُمْ فَمَوْقِعُهَا مَوْقِعُ التَّذْيِيلِ. وَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَلَّا تُعْطَفَ بَلْ تُفْصَلُ وَعُدِلَ عَنْ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ فَعُطِفَتْ بِالْوَاوِ بِاعْتِبَارِ مُغَايَرَتِهَا لِلْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا بِمَا فِيهَا مِنْ تَعْلِيلِ الذِّكْرِ وَبَيَانِ سَبَبِهِ وَهِيَ مُغَايَرَةٌ ضَعِيفَةٌ لَكِنَّهَا تُصَحِّحُ الْعَطْفَ كَمَا فِي قَوْلِ الْحَارِثِ بْنِ هَمَّامٍ الشَّيْبَانِيِّ:
أَيَا ابْنَ زَيَّابَةَ إِنْ تَلْقَنِي ... لَا تَلْقَنِي فِي النِّعَمِ الْعَازِبِ

وَتَلْقَنِي يَشْتَدُّ بِي أَجْرَدٌ ... مُسْتَقْدِمُ الْبَرَكَةِ كَالرَّاكِب

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست