responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 302
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسُوَيْدُ بْنُ الحرث قَدْ أَظْهَرَا الْإِسْلَامَ ثُمَّ نَافَقَا، وَكَانَ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُوَادُّونَهُمَا فَنَزَلَتْ. وَلَمَّا نَهَى تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ عن اتِّخَاذِ الْكُفَّارِ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ، نَهَى عَنِ اتِّخَاذِ الْكُفَّارِ أَوْلِيَاءَ يَهُودًا كَانُوا أَوْ نَصَارَى، أَوْ غَيْرَهُمَا. وَكَرَّرَ ذِكْرَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بُقُولِهِ: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، وَإِنْ كَانُوا مُنْدَرِجِينَ فِي عُمُومِ الْكُفَّارِ عَلَى سَبِيلِ النَّصِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ لِسَبْقِهِمْ فِي الذِّكْرِ فِي الْآيَاتِ قَبْلُ، وَلِأَنَّهُ أَوْغَلُ فِي الِاسْتِهْزَاءِ، وَأَبْعَدُ انْقِيَادًا لِلْإِسْلَامِ، إِذْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَرِيعَةٍ إِلَهِيَّةٍ. وَلِذَلِكَ كَانَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي غَايَةِ الْكَثْرَةِ، وَالْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ. وَقِيلَ: أُرِيدَ بِالْكُفَّارِ الْمُشْرِكُونَ خَاصَّةً، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَفَرَّقَتِ الْآيَةُ بَيْنَ الْكُفَّارِ وَبَيْنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، مِنْ حَيْثُ الْغَالِبُ فِي اسْمِ الْكُفْرِ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ إِشْرَاكَ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، لِأَنَّهُمْ أَبْعَدُ شَأْوًا فِي الْكُفْرِ. وَقَدْ قَالَ: جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ [1] فَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ إِرَادَةَ الْبَيَانِ. وَالْجَمِيعُ كَفَّارٌ، وَكَانُوا عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ، هُمْ كُفَّارٌ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. وَهَذِهِ الْفِرَقُ تَلْحَقُ بِهِمْ فِي حَدِّ الْكُفْرِ، وَتُخَالِفُهُمْ فِي رُتَبٍ. فَأَهْلُ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَبِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْمُنَافِقُونَ يُؤْمِنُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ انْتَهَى. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَفَصَّلَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ خَاصَّةً انْتَهَى. وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّ مَنِ اتَّخَذَ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا لَا يُنَاسِبُ أَنْ يُتَّخَذَ وَلِيًّا، بَلْ يُعَادَى وَيُبْغَضُ وَيُجَانَبُ. وَاسْتِهْزَاؤُهُمْ قِيلَ: بِإِظْهَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِخْفَاءِ الْكُفْرِ. وَقِيلَ: بِقَوْلِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ: احْفَظُوا دِينَكُمْ وَدُومُوا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ الْحَقُّ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ: لَعِبْنَا بِعُقُولِهِمْ وَضَحِكْنَا عَلَيْهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ضَحِكُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقْتَ سُجُودِهِمْ، وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْقِرَاءَةِ فِي هُزُؤًا. وَقَرَأَ النَّحْوِيَّانِ: وَالْكُفَّارِ خَفْضًا. وَقَرَأَ أُبَيٌّ: وَمِنَ الْكُفَّارِ بِزِيَادَةِ مِنْ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: نَصْبًا وَهِيَ رِوَايَةُ الْحُسَيْنِ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَإِعْرَابُ الْجَرِّ وَالنَّصْبِ وَاضِحٌ.
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ لَمَّا نُهِيَ الْمُؤْمِنُونَ عَنِ اتِّخَاذِهِمْ أَوْلِيَاءَ، أَمَرَهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهَا هِيَ الْحَامِلَةُ عَلَى امْتِثَالِ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابِ النَّوَاهِي. أَيِ: اتَّقَوُا اللَّهَ فِي مُوَالَاةِ الْكُفَّارِ، ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى الْوَصْفِ الْحَامِلِ عَلَى التَّقْوَى وَهُوَ الْإِيمَانُ أَيْ: مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا حَقًّا يَأْبَى مُوَالَاةَ أَعْدَاءِ الدِّينِ.

[1] سورة التوبة: 9/ 73.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست