responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 301
قَالَ تَعَالَى: وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى
«1» وَقَالَ تَعَالَى: أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ [2] وَلَمَّا كَانَتِ الصَّحَابَةُ وَقْتَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ مُقِيمِي صَلَاةٍ وَمُؤْتِي زَكَاةٍ، وَفِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ كَانُوا مُتَّصِفِينَ بِالْخُضُوعِ لِلَّهِ تَعَالَى وَالتَّذَلُّلِ لَهُ، نَزَلَتِ الْآيَةُ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ الْجَلِيلَةِ. وَالرُّكُوعُ هُنَا ظَاهِرُهُ الْخُضُوعُ، لَا الْهَيْئَةُ الَّتِي فِي الصَّلَاةِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْهَيْئَةُ، وَخُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، فَعَبَّرَ بِهَا عَنْ جَمِيعِ الصَّلَاةِ، إِلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي هَذَا الْقَوْلِ تَكْرِيرُ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ: يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّكْرَارُ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ لِشَرَفِ الصَّلَاةِ وَعِظَمِهَا فِي التَّكَالِيفِ الْإِسْلَامِيَّةِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ هُنَا الْفَرَائِضُ، وَبِالرُّكُوعِ التَّنَفُّلُ.
يُقَالُ: فُلَانٌ يَرْكَعُ إِذَا تَنَفَّلَ بِالصَّلَاةِ.
وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَصَدَّقَ بِخَاتَمِهِ وَهُوَ رَاكِعٌ فِي الصَّلَاةِ.
وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ: وَهُمْ رَاكِعُونَ، أَنَّهَا جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمَلِ قَبْلَهَا، مُنْتَظِمَةٌ فِي سِلْكِ الصَّلَاةِ. وَقِيلَ: الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ: يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ خَاضِعُونَ لَا يَشْتَغِلُونَ عَلَى مَنْ يُعْطُونَهُمْ إِيَّاهَا، أَيْ يُؤْتُونَهَا فَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ مُلْتَبِسُونَ بِالصَّلَاةِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ.
(فَإِنْ قُلْتَ) : الَّذِينَ يُقِيمُونَ مَا مَحَلُّهُ؟ (قُلْتُ) : الرَّفْعُ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا، أَوْ عَلَى هُمُ الَّذِينَ يُقِيمُونَ انْتَهَى. وَلَا أَدْرِي مَا الَّذِي مَنَعَهُ مِنَ الصِّفَةِ إِذْ هُوَ الْمُتَبَادِرُ إِلَى الذِّهْنِ، لِأَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ هُنَا طَرْحُ الَّذِينَ آمَنُوا لِأَنَّهُ هُوَ الْوَصْفُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ صِحَّةُ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَوْصَافِ.
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابُ مَنْ مَحْذُوفًا لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ، أَيْ: يَكُنْ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ وَيَغْلِبْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ: فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ، وَيَكُونَ مِنْ وَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ أَيْ: فَإِنَّهُمْ هُمُ الْغَالِبُونَ.
وَفَائِدَةُ وَضْعِ الظَّاهِرِ هُنَا مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ الْإِضَافَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَشْرُفُونَ بِذَلِكَ، وَصَارُوا بِذَلِكَ أَعْلَامًا. وَأَصْلُ الْحِزْبِ الْقَوْمُ يَجْتَمِعُونَ لِأَمْرِ حِزْبِهِمْ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ حِزْبَ اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَقَدْ تَوَلَّى حِزْبَ اللَّهِ، وَاعْتَضَدَ بِمَنْ لَا يُغَالَبُ انْتَهَى. وَهُوَ قَلَقٌ فِي التَّرْكِيبِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: أَيْ فَإِنَّهُ غَالِبُ كُلِّ مَنْ نَاوَأَهُ، وَجَاءَتِ الْعِبَارَةُ عَامَّةً إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ اخْتِصَارًا، لِأَنَّ هَذَا الْمُتَوَلِّيَ هُوَ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ، وَحِزْبُ اللَّهِ غَالِبٌ، فَهَذَا الَّذِي تَوَلَّى اللَّهَ وَرَسُولَهُ غَالِبٌ. وَمَنْ يُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ لَا مُفْرَدٌ، وَهُمْ هُنَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَصْلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً.

(1) سورة النساء: 4/ 142.
[2] سورة الأحزاب: 33/ 19. [.....]
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 301
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست